يشهد اليمن المنقسّم بين سلطة بسطت سيطرتها على الشمال وأخرى تحكم من الجنوب، تحركات من أجل جمع فرقاء الأزمة على طاولة الحوار، قصد إيجاد تسوية سياسية تعيد لليمن أمنه واستقراره المفقودين وتجنّبه مزيدا من المآسي والمعاناة. واستجابة لدعوة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، دول الخليج باستضافة ورعاية الحوار اليمني ومساندة بلده، لتمكينه من الخروج من أزمته الراهنة، توجه مبعوث الأممالمتحدة لليمن، جمال بن عمر، الى الدوحة لإجراء مباحثات حول سبل استئناف الحوار بين أطراف الصراع حماية لليمن من الانهيار. وتأتي زيارة بن عمر الى الدوحة بعد زيارة قام بها الى السعودية في إطار تكليف من قبل مجلس الامن الدولي، علما بأنه تم تحديد مدينة الرياض لتستضيف مؤتمر الحوار اليمني الذي يسعى الى تحقيق يمن سعيد خال من الانقسام والصراع على السلطة ويُنهي الاقتتال الذي يلازم هذا البلد منذ سنوات. ودخل اليمن حالة الاضراب مجدّدا بعد تراجع المتمردين الحوثيين وإعلان رفضهم للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية بعدما وافقوا عليها من قبل والتي أنهت أزمة كانت اندلعت عام 2011 بمظاهرات شعبية مناهضة لنظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وانتهت باستقالته وبدخول البلاد مرحلة انتقالية. وازدادت الأوضاع تأزما عندما سيطر الحوثيون الشيعة على عدد من المدن اليمنية الى أن دخلوا العاصمة صنعاء في 21 جانفي الماضي واستولوا على القصر الجمهوري ومبنى البرلمان، ما اضطر الرئيس منصور هادي وحكومة خالد بحاح الى تقديم الاستقالة في الوقت الذي أعلن الحوثيون ما أسموه الإعلان الدستوري وأبقوا على قادة البلاد تحت الإقامة الجبرية. وفي تطور للأوضاع، تمكّن الرئيس هادي ومعه عدد من أعضاء الحكومة المستقيلة من الإفلات من الحصار واللجوء الى مدينة عدن الجنوبية وأعلن الرئيس منصور هادي تراجعه عن الاستقالة ومواصلة مهامه كرئيس شرعي مدعوم داخليا وإقليميا. ويعمل الرئيس هادي على تكثيف نشاطاته في عدن مع عقده اجتماعا مع وزير للدفاع وقيادات من ما يسمى بالحراك الجنوبي الذي يدعو الى انفصال الجنوب عن الشمال، وأكد الرئيس على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن واستعادة استقراره. ويحظى الرئيس هادي بدعم شعبي واسع اذ يرفض أغلبية اليمنيين إجراءات الحوثيين ويعتبرونهم انقلابيين ضد رئيس شرعي. كما يحظى بمساندة إقليمية ودولية، إذ سارعت عديد العواصم والمنظمات الدولية الى إدانة ما حصل من انقلاب على الشرعية الدستورية في اليمن ودعت الحوثيين الى التراجع عن خطواتهم. كما أبلغ المبعوث الأممي الرئيس اليمني، في لقائه معه بعدن، دعم مجلس الأمن الكامل للمفاوضات ودعوته الأطراف اليمنية كافة للمشاركة فيها. وتأتي زيارة بن عمر للدوحة قبيل اجتماع مرتقب لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، لبحث عدد من الملفات التي تهم المنطقة ومنها الأزمة اليمنية التي تتخوف دول الخليج من تأثيراتها على المنطقة. وبدورها حذّرت إيران، المتهمة بدعم الحوثيين الشيعة، على لسان مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، من تفكّك اليمن والوصول الى مرحلة حرب أهلية، منتقدة إقامة الرئيس هادي في عدن بعد الهروب من صنعاء الخاضعة لسيطرة الميليشيات الشيعية الحوثية. وقال عبد اللهيان، إن صنعاء هي العاصمة الرسمية والتاريخية لليمن، وهؤلاء الذين في عدن ممن يؤيدون تفكيك البلاد أو الحرب الأهلية سيتحمّلون عواقب ذلك . وترفض إيران الإتهامات الموجهة إليها بمساعدة الحوثيين للسيطرة على صنعاء، والتدخل في الشؤون الداخلية لليمن.