ما تزال الرواية التاريخية «نوعاً» يستهوي الكثير من الكتاب في وقتنا الحاضر، على الرغم من تعقد موضوعاته، إذ يفترض سلفاً في الكاتب السيطرة على التاريخ سيطرة كاملة في علاقاته ووشائجه مع المحيط الذي نشأ وتبلور ضمنه، والتحكم الفني في كيفيات استعماله في (...)
تشرق شمس العيد في غير وقتها، في هذا الصباح الذي لا يشبه أي صباح مضى. ترتفع الرياح المحملة بالأتربة والرمال عالياً ساحبة في أثرها أوراق الصحف الميتة، والنباتات المحرقة، ومحتويات حقائب الأطفال التي قلبتها الرياح طويلاً قبل أن تفرغها من أعماقها من (...)
لم نعد اليوم في حاجة إلى تفكير عظيم لإيجاد المقابلات بين الصهيونية كممارسة وأيديولوجية إجرامية تستهدف الإنسان وكل ما يحيط به من سبل العيش في المدن والقرى، والنازية المدمرة التي لولا تكاتف البشرية لمحت العالم من على وجه الكرة الأرضية. المشهدية التي (...)
في الوقت الذي ينهض فيه العالم، بما في ذلك أكبر حليف لإسرائيل، أمريكا، ضد الجرائم الذي ترتكب في فلسطين التي لا يقبل بها أي آدمي مهما كانت أفكاره ودينه وقناعاته العميقة، فقد وصلت عمليات التقتيل أقصاها غير المسبوق حتى مع النازية التي كانت وراء (...)
هل التاريخ هو ما يصنعه جيل ثم يأتي جيل آخر فيستهلكه ويظل حبيساً له، وكأن وجوده مرهون بذلك التاريخ فقط؟ نعرف سلفاً أن التاريخ الطبيعي هو سلسلة متلاحقة من الوقائع والأحداث والممارسات والأفكار، يحكمها منطقان أساسيان، منطق الترابطات التي تتحول إلى حلقات (...)
لا حرب تدوم مطلقاً، هذا درس التاريخ الذي التصق بجلودنا، حتى حروب المائة سنة دارت مثل العواصف، أكلت أجيالاً متعاقبة ثم نامت من بين ملايين الصرخات والقبور ورماد الأجساد المحروقة، ثم توقفت.
ما تزال آثار الدم على طاولات الاجتماع التي جمعت بين القتلة (...)
بين القاتل والقتيل مسافة صغيرة، لا مرئية، هي كل شيء؛ مسافة الذي يقوم بفعل القتل والذي يتلقاه. في ظل صراع الهويات والتطرفات الدينية والإثنية الكثيرة التي تجتاح عصرنا بعنف، نحتاج إلى قليل من التأمل والتبصر مع تفادي المسبقات. قبل سنوات، في عز التمزقات (...)
على الرغم من الضباب الداكن والمخيف الذي يلف المنطقة، ووسط آلة تدميرية غير مسبوقة، إجرامية بامتياز، وبعد عشرين سنة قضاها داخل دهاليز سجون الاحتلال، مشفوعة بثلاث مؤبدات، يخرج الروائي والشاعر الفلسطيني الأسير باسم خندقجي من هذه الظلمة القاسية محلقاً (...)
هناك شخصيات عظيمة أهملها التاريخ، كثيراً ما يكون ذلك لأسباب مجهولة. لا ذاكرة ولا تذكر. من بين هؤلاء شخصية أثرت في الأمير عبد القادر كثيراً، بل لعبت دوراً كبيراً في تأسيس وجدانه الداخلي. يجمع الكثير من المؤرخين أنه لولا سيدي محمد البوحميدي الولهاصي، (...)
لا شيء يمّحي، كل ما يمر أمام أعيننا المتعبة بالمشاهد اليومية القاسية أو الجميلة تلتقطه الذاكرة وتخزنه في مكان ما، وينهض في الزمن الذي ننتظره أو لا ننتظره. للذاكرة سلطانها ونظامها وميقاتها. هناك الكثير من الأفلام تحتل مكانها في الذاكرة الفردية أو (...)
نتساءل في المعارض العربية الجادة، وفي كل التظاهرات المتعلقة بالكتب: لماذا مساحات الحركة محدودة بالنسبة للكتاب في العالم العربي؟ لماذا هذا الكساد في حركة الكتاب؟ نسبة الطبعات مخجلة؟ هل العربي لا يقرأ؟ بعض الإحصائيات تكذب ذلك. وإذا كنا من رواد نظرية (...)
كثيراً ما انتابني هذا السؤال الوجودي وأنا ألتفت نحو المؤلفات التي تزين رفوف مكتبتي. أفتح الإلياذة والأوديسة، الأحاديث النبوية الشريفة، رسالة الغفران، الكوميديا الإلهية، ناس دوبلن، زوربا، في البحث عن الزمن الضائع، أولاد حارتنا، ريح الجنوب، الصبي (...)
كثيراً ما نخطئ عندما نخلط بين النقد الجامعي والأكاديمية ونعتبر كل نقد جامعي فعلاً أكاديمياً بالضرورة، مع أن أغلبه مرتبط بشهادة جامعية (الماجستير أو الدكتوراه) تؤهل صاحبها للتدريس والدوام والعمل التعليمي النبيل، لكنها لا تؤهله شرطاً للبحث الأكاديمي (...)
يثير جنس الرواية جدلاً كبيراً مس كل حقول النشاط الإنساني، أدبياً واجتماعياً وتحليلاً نفسياً، الأمر الذي جعل منها مساحة رديفة للحرية والشعبية تستوعب كل شيء وتخضعه لنظامها، لا محرم فيها، فالقيمة يمكن أن تصنع حتى من أرذل الأشياء، خارج التقييمات (...)
الفن أقوى من الموت والجريمة السياسية المنظمة، وأكثر خلوداً وتعمقاً من أية قوة أخرى طبيعية أو غير طبيعية، بل أقوى من الموت نفسه؛ ما يزال إلى اليوم فنانو العصور الغابرة بيننا، لم نعرف ليونارد دا فانشي لكنه جزء من حياتنا الثقافية بمكتشفاته ولوحاته، ولم (...)
ثقافات الشعوب تختلف، لكن في مجملها يحكمها وازع مشترك يميل نحو كل ما يسعد الإنسان ويصنع فرحه. أي أن ثقافة الضغينة، حتى عند المجتمعات البدائية، غير مقبولة، وعندما يكون شرط الدم بين قبيلتين متناحرتين بسبب ظلم ما، تستيقظ الأنظمة في القبيلتين لتقوم (...)
نقترب شيئا فشيئا من تاريخ الإعلان عن منح جائزة نوبل للآداب، لهذه السنة (من 3 حتى 10 أكتوبر) وستتم هذه السنة، خلال أسبوعية نوبل، دعوة الفائزين بالجائزة في سنتي 2020 و2021 لاحتفالية التوزيع في صالة Konserthuset Stockholm وهي شكل من أشكال التكريم (...)
عالمنا اليوم ليس بخير، يزحف بخطى حثيثة نحو عملية إفناء غير مسبوقة يسهم فيها الإنسان المتوحش تجاه نفسه وتجاه الطبيعة حتى أفقدها توازنها فأصبحت عدوة له ولكل ما بناه. صحيح، إن العولمة غيرت العالم وحررت الأسواق، ولكنه تحرير غير فعال لأنه مسيس في الأصل (...)
عالم اليوم في حيرة، معلق في الفراغ، طبول الحرب تقرع في كل مكان، من أكرانيا إلى جزيرة تايوان إلى احتمالات الاصطدام بين روسيا والصين من جهة وأوروبا وأمريكا من جهة ثانية.
إفريقيا والعالم العربي وأمريكا الجنوبية تحت مجهر النهب. يتم تقسيم العالم علناً (...)
يطرح إشكال وجود مؤسسة نقدية عربياً بإلحاح كبير في ظل الزخم الإبداعي المتنوع، بغثّه وسمينه وسرعة تناميه. فهل نملك هذه المؤسسة التي بإمكانها أن تنير سبل القارئ في تعامله مع النص، أي أنها عندما تجيز نصاً محدداً، فالكل يأخذ بأحكامها بجد، لأن موضوعية (...)
هناك ظواهر صاحبت المثقف وتحولاته في النصف قرن الأخير، تستحق التأمل والقراءة الحيادية. فهي من أكثر السنوات عصفاً باليقينيات الثقافية التي نام عليها المثقف العربي زمناً طويلاً، خارج دوائر السجال والنقد، بعد إخفاقات مريرة مست كل التجارب التنموية (...)
أعمل منذ ثلاث سنوات على مشروع أدبي إنساني كبير، لا أعرف مؤداه حتى الآن، يتعلق بقصة «حيزية». واحدة من أعظم قصص الحب على الصعيد الإنساني، جرت في الصحراء الجزائرية، والمنبع الذي حفظها بتفاصيلها، هي القصيدة التي كتبها محمد بن قيطون، الذي لا نعرف عنه (...)
ماذا يحدث في النقد العربي اليوم؟ هل ما يزال أداة معرفية تقود القارئ نحو فهم آليات اشتغال النصوص، والتمكن من قراءتها بشيء من الحب والراحة؟ هل يملك النقد العربي اليوم الأداة التي تمكنه من أن يكون وسيطاً موصلاً يمنح شهية القراءة والتوغل في أعماق النصوص (...)
شيء ما يعيدنا دوماً إلى نقطة البدء التي صنعت جزءاً حياً من ذاكرتنا، محملين بسؤال ثقيل: كيف يموت الذين نحبهم؟ نصنع لهم دوماً، من فرط حبنا لهم، كرسياً جميلاً من غيم وضباب، في بيت الخلود، قبل أن يفاجئنا الموت بصفعة حادة ومدمية، أو بضربة كف: لا قوة توقف (...)
لو كان لي أن أختار شخصية السنة الإبداعية، لما ترددت ثانية واحدة في اختيار برهان الشاوي، ليس فقط لضخامة إبداعه ومداومته الصارمة وبحثه الدائم في الأصول المأساوية الأولى للإنسان والأفكار، ولكن لقدرته الخلاقة على سحب الجنس الروائي العربي تحديداً باتجاه (...)