لجنة الشؤون القانونية بمجلس الأمة:دراسة التعديلات المقترحة حول مشروع قانون التنظيم الإقليمي للبلاد    تجسيد رؤية الجزائر الجديدة في بناء جيل واعٍ ومسؤول..تنصيب أول برلمان للطفل الجزائري    عطّاف يشارك في اجتماع تنسيقي    الجزائر تُعزّز حضورها على الساحة الدولية    دورات تكوينية لفائدة القضاة    تنصيب اللجنة الوزارية المشتركة    مؤسّسة بريد الجزائر ستشهد تحوّلات عميقة    جلاوي يشدد على ضرورة المتابعة الدقيقة للمشاريع    فوز مثير لبلوزداد    منشآت صحية جديدة بالعاصمة    مهرجان المسرح المحترف ينطلق اليوم    شايب يشرف على مراسم الاحتفاء    وزير الاتصال يُبرز المسعى الرئاسي    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    عهدة الجزائر بمجلس الأمن.. أداء ومكاسب ترفع الرأس    لا لتسييس مقترح تعديل قانون الجنسية    لقاء قريب يجمع الرئيس تبون والملك عبد الله الثاني    طي ملف صوامع تخزين الحبوب بداية 2026    سيغولان روايال على رأس جمعية فرنسا – الجزائر    هذه كيفيات دفع أشطر سكنات "عدل3" إلكترونيا    "ناسدا" تطلق ملتقى وطنيا للمستثمرين ورجال الأعمال    الاستجابة لتطلعات الجالية في شقيها التعليمي والثقافي    المواد الاستهلاكية متوفرة ولا ندرة في مادة زيت المائدة    تاهرات متفائل بمشوار "الخضر" في كأس إفريقيا    سمير شرقي جاهز وبيتكوفيتش يضبط خطة "الكان"    صدمة قوية لسفيان فيغولي في البطولة العراقية    المهرجان الدولي للمنودرام النسائي في طبعته الرابعة    وصفات الجدات في التصبير..حضور في الأسواق والمنازل    الأطباق التقليدية الشتوية تزيّن الموائد في قالمة    احتفاء بالأديب أحمد شريبط    تأكيد على أهمية تعريب العلوم الطبية    أنباء عن قتيلين في عملية إنزال جوي للتحالف الدولي : تفكيك خلية ل "داعش" بريف دمشق    البليدة : بعث أشغال إنجاز محطتين جديدتين لتصفية المياه المستعملة قريبا    بومرداس..اجتماع لمتابعة وضعية مشاريع الاستثمار العمومي    انتشال جثماني طفلتين من أنقاض مبنى في غزة..اتفاق يترنح وإبادة تتواصل في غزة    وزير الاتصال : "الوحدة الوطنية أقوى من مناورات الحاقدين"    جيجل..تخصيص 2،5 مليار دج لحماية الموانئ الثلاثة    وكالة "عدل" توضّح آليات الدفع الإلكتروني لأشطر سكنات "عدل 3"    كأس إفريقيا كل 4 سنوات مستقبلاً    دور الجمعيات هامّ في ترقية العمل التطوعي والخيري    مشروع متكامل لرسم ملامح حاضرة نموذجية بالجنوب    غرة رجب 1447ه هذا الأحد والشروع في قراءة صحيح البخاري بالمساجد ابتداءً من الاثنين    "عش رجبا تر عجبا".. فضل رجب وأهميته في الإسلام    فتاوى : حكم قطع صوم النافلة    غزّة تحت الشتاء القاسي والدمار    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    مجلس الأمن يدين بشدة الهجمات على قاعدة بجنوب    "حماية المعطيات الشخصية" محور نقاش قانوني وأكاديمي    بلمهدي يشرف على اللقاء الدوري    أوّل هزيمة للعميد هذا الموسم    الرُضّع يموتون يومياً من البرد في غزّة    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    شبيبة القبائل توقع عقد شراكة مع مستثمر جديد    كرة القدم / الرابطة الثانية /الجولة ال13 : مواجهات حاسمة على مستوى الصدارة وتنافس كبير في ذيل الترتيب    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرفت هؤلاء : 2 بداية الحرب على ''محمد خذ حقيبتك''
نشر في الجزائر نيوز يوم 29 - 08 - 2010

في اليوم التالي، التقينا العربي الشيخ وسعدان وأنا بناظر الثانوية زفاي، كان قصير القامة، بدينا، ومتدفقا في كلامه، كانت فصحاه عتيدة وقوية، ظل ينصت إلينا باهتمام ونحن نتحدث إليه عن كاتب ياسين، وعن استعداداته لزيارة ثانوية سي الحواس، كان الشيخ العربي يتحدث بهدوء وبيداغوجية أمام الناظر زفاي الذي لم يكن يجيد اللغة الفرنسية ولم يكن له اطلاع كبير على كتابات المبدعين الفرنكفونيين··· لم يكن زفاي مرتاحا، لهذه المغامرة، ولم يكن لديه سبيل لاستقبال كاتب ياسين الذي لم يكن قرأ له أي عمل من أعماله، لكن كان يحتفظ تجاهه بموقف مشوش وغامض، يتلخص، أن هذا الكاتب شيوعي، وخطر على الثقافة العربية الإسلامية، قال لي، وهو يحدق في وجهي وكأنه يريد إنقاذي من انحراف لا أفقه معناه، ''اسمع يا حميدة، هذا فرعون أعرفه جيدا، إن أفكاره هدامة، ومتناقضة مع أصالتنا وثقافتنا وديننا· وعندئذ، قلت له، وكله براءة، لا يا أستاذ، هذا كاتب ياسين، وليس فرعون، فمولود فرعون قتل على أيدي لواس، بينما كاتب ياسين، نحن درسنا نصوصه في البرنامج، وروايته نجمة تعد من عيون الأدب في الجزائر وفي العالم···'' صمت للحظة بدت لنا طويلة، ثم أخرج منديلا أبيض من جيبه وراح يمسح العرق المتصبب من على جبينه، ثم نطق الحكم الفصل، حتى وإن لم يكن فرعون هذا، فإن كاتب ياسين غير مرخص له زيارة ثانويتنا، لكن هذا لا يمنع أن أمنحكم ترخيصا، لأن يزوره تلاميذ الثانوية إلى مسرح سيدي بلعباس··· وبعد أسبوع انتقلت كل الثانوية إلى مقر المسرح، وكان العرض المقدم أمام التلاميذ ''ملوك الغرب'' كان العرض غنائيا، ساخرا وسياسيا، يعود بنا إلى الجذور التاريخية للصراع ضد الغزاة والمحتلين لينتقل إلى لحظة الغزاة الجدد من الاستعماريين والكولونياليين الجدد·· ثم يشيد بالمقاومات الشعبية ضد المستعمر وضد الحكام الجدد، بدءا من الأمير عبد القادر وانتهاء بالمهدي بن بركة·· أيامها اكتشفت مسرحا جديدا، مليئا بالحياة والألوان·· تعرفت على الوجه الأسطوري للممثلة الرائعة فضيلة عسوس التي أدت بشكل جميل دور الكاهنة، وتعرفت أيضا على الشيخ صاحب الصوت المرعب الجميل اسماعيل، حيث كان يجلس في زاوية على الركح يرتدي البلو شنغهاي، يحمل الموندولين، ثم ينطلق صوته ساخرا، هادرا، مليئا بالسحر والجاذبية التي تقودك إلى عالم بهيج يدفعك ليس فقط للتحرر، بل لإعادة اكتشاف ملامح العالم الذي ينبغي إقامته على أنقاض عالم القهر والشر··· في نهاية العرض ارتفعت الأصوات، أصوات الممثلات والممثلين الذين راحوا ينشدون الأممية ''بالعربية الدارجة'' صفقنا كثيرا، انطلقت حناجرنا مرافقة أصوات الفرقة·· في ذلك المساء اكتشفت عالما جديدا، عالما سكنني منذ تلك اللحظة وغير فيّ أشياء كثيرة، أو قل أقام فيّ أشياء ظلت منذ ذلك الحين تنمو كالشجر الباسق، المتصاعد والمورق برغم عواصف الأيام ورعودها··
في اليوم التالي استدعانا، الناظر زفاي، كان يبدو حزينا وغاضبا، وقال لي ولسعدان والعربي الشيخ، ''لقد وضعت فيكم كل ثقتي، لكن هل رأيتم؟!'' قال الشيخ العربي ''لقد كان التلاميذ سعداء، وكان العرض جميلا وبيداغوجيا، قدم بشكل فني جميل تاريخ المقاومات ضد الغزاة في منطقة المغرب العربي'' وهنا انفجر زفاي قائلا ''والأممية، هل سمعتم نشيد الأممية، إنه نشيد الشيوعيين···'' إنه نشيد يحرض على الفوضى، وتخريب القيم والدين··· اندهشت من ملاحظته، لكنني بقيت مسمرا في مكاني، ثم استعاد الناظر زفاي هدوءه، ثم قال لنا وبلهجة دافئة ''لقد أثارت المسرحية الكثير من الغضب وردود الفعل لدى محافظ الحزب···'' وبالفعل لقد نظر قادة السلطة الحزبية بالمدينة إلى انتقال الثانويين إلى المسرح بعين غير راضية، وهذا ما استدعى إلى عدة اجتماعات من طرف القسمة التي حذر بعض أفرادها من العدوى التي يمكن أن يتسبب فيها كاتب ياسين، عدوى إفساد العقول··· ولم تمر أسابيع حتى بادر أئمة من الإخوان المسلمين إلى شن هجومهم على كاتب ياسين، وركزوا نقدهم على مسرحية ''محمد خذ حقيبتك'' التي كنت شاهدتها منذ أيام·· كان التشويه والتضليل بينا في تلك الخطب التي كانت ممن هم محسوبين على تيار الاخوان يعلنونها في خطب الجمعة وفي أوساط الثانويين وأبناء المدينة··· نعتوا المسرحية أنها تطالب بعودة العرب إلى الجزيرة ويحملون إسلامهم معهم··· وانتقلت هذه الدعاية كالنار في الهشيم·· بينما كان مضمون المسرحية، شيئا آخر تماما، فلقد كانت ''محمد خذ حقيبتك'' تتناول وضعية الجزائريين المهاجرين في فرنسا، وما يتعرضون له من استغلال وعنصرية، بحيث كانوا دائما مطاردين من طرف العنصريين الفرنسيين بالرجوع إلى بلادهم···
انتقلت في تلك الأيام التي تصاعدت حملات الاخوان ضد كاتب ياسين إلى منزله حيث كان يقيم بمنطقة ''تانيرة'' وهي تبعد حوالي 20 كيلومترا عن وسط مدينة سيدي بلعباس·· كانت منطقة تانيرة محاطة بالغابات الكثيفة والجبال، استقبلني رفقة العديد من الثانويين والفنانين الهواة، ولم يكن يشعر بأي قلق تجاه تلك الحملة التي استهدفته، وقال لنا، هذه هي المعركة، وهذا هو ثمنها عندما نسعى إلى إنقاذ الجزائر من السقوط بين أيدي الجهلة والمشعوذين·· أتذكره، كان هادئا وباسما، ومدخنا بشكل مستمر وعتي···


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.