رئيس الجمهورية يبرز الدور الريادي للجزائر في إرساء نظام اقتصادي جديد عادل    فلاحة: السيد شرفة يستقبل المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب    بورصة: بحث سبل التعاون بين "كوسوب" وهيئة قطر لأسواق المال    شهر التراث: منح 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني خلال الأربع سنوات الماضية    موعد عائلي وشباني بألوان الربيع    الوريدة".. تاريخ عريق يفوح بعبق الأصالة "    مجلس الأمة يشارك بأذربيجان في المنتدى العالمي السادس لحوار الثقافات من 1 الى 3 مايو    عرقاب يتباحث بتورينو مع الرئيس المدير العام لبيكر هيوز حول فرص الاستثمار في الجزائر    أمطار مرتقبة على عدة ولايات ابتداء من مساء اليوم الاثنين    مسؤول فلسطيني : الاحتلال فشل في تشويه "الأونروا" التي ستواصل عملها رغم أزمتها المالية    بوزيدي : المنتجات المقترحة من طرف البنوك في الجزائر تتطابق مع مبادئ الشريعة الإسلامية    الشلف – الصيد البحري : مشاركة أزيد من 70 مرشحا في امتحان مكتسبات الخبرة المهنية    إجراء اختبارات أول بكالوريا في شعبة الفنون    هنية يُعبّر عن إكباره للجزائر حكومةً وشعباً    العالم بعد 200 يوم من العدوان على غزة    صورة قاتمة حول المغرب    5 شهداء وعشرات الجرحى في قصف صهيوني على غزة    العدوان على غزة: الرئيس عباس يدعو الولايات المتحدة لمنع الكيان الصهيوني من اجتياح مدينة رفح    مولودية الجزائر تقترب من التتويج    تيارت/ انطلاق إعادة تأهيل مركز الفروسية الأمير عبد القادر قريبا    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    تقدير فلسطيني للجزائر    رقمنة تسجيلات السنة الأولى ابتدائي    رفع سرعة تدفق الأنترنت إلى 1 جيغا    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنّين    أمّهات يتخلّين عن فلذات أكبادهن بعد الطلاق!    تسخير كل الإمكانيات لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    برمجة ملتقيات علمية وندوات في عدّة ولايات    المدية.. معالم أثرية عريقة    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فرصة مثلى لجعل الجمهور وفيا للسينما    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    الجزائر تُصدّر أقلام الأنسولين إلى السعودية    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    استئناف حجز تذاكر الحجاج لمطار أدرار    3 تذاكر ضاعت في نهاية الأسبوع: الثنائي معمري يرفع عدد المتأهلين إلى دورة الأولمبياد    لموقفها الداعم لحق الفلسطينيين قولا وفعلا: هنية يعبر عن إجلاله وإكباره للجزائر    بعد مسيرة تحكيمية دامت 20 سنة: بوكواسة يودع الملاعب بطريقة خاصة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    القضاء على إرهابي بالشلف    مبادرة ذكية لتعزيز اللحمة الوطنية والانسجام الاجتماعي    موجبات قوة وجاهزية الجيش تقتضي تضافر جهود الجميع    تخوّف من ظهور مرض الصدأ الأصفر    إبراز دور وسائل الإعلام في إنهاء الاستعمار    عائد الاستثمار في السينما بأوروبا مثير للاهتمام    "الحراك" يفتح ملفات الفساد ويتتبع فاعليه    مدرب ليون الفرنسي يدعم بقاء بن رحمة    راتب بن ناصر أحد أسباب ميلان للتخلص منه    العثور على الشاب المفقود بشاطئ الناظور في المغرب    أرسنال يتقدم في مفاوضات ضمّ آيت نوري    "العايلة" ليس فيلما تاريخيا    5 مصابين في حادث دهس    15 جريحا في حوادث الدرجات النارية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدى الثورة الجزائرية في المسرح العالمي
نشر في الشعب يوم 10 - 09 - 2022

إن صدى ثورة نوفمبر 1954 لم يقتصر فقط على المسرح الجزائري والعربي، بل شمل المسرح العالمي أيضا ومنه المسرح الفرنسي تحديدا، فقد ألف الكاتب « جان جينيه » مسرحية « الستارات » عن الثورة الجزائرية، وقام « روجيه بلان » بإخراجها وعرضها في صالة الأوديون، سنة 1966 ومنذ أول يوم لعرضها أحدثت هذه المسرحية ضجة سياسية عنيفة ليس لأن الكاتب «جان جينيه» راح فيها يمجد الثورة الجزائرية، ولكنه أكثر من ذلك راح يسخر من الجيش الفرنسي، ففي المسرحية مشهد « يقوم فيه العسكريون المحتلون بإحياء جنازة رفيق مات في الحرب، وأثناء الجنازة، (يضرطون) على وجهه (ليتنسم آخر نفس من هواء بلاده )».
لقد كان هذا المشهد صادما، وهو ما جعل بعض المشاهدين من أعضاء منظمة الجيش السري التي شاركت في حرب الجزائر، يقومون باحتلال المسرح ومنع متابعة المسرحية منادين «بالموت لجان جينيه » وعلى الرغم من تدخل وزير الثقافة الفرنسي «أندريه مالرو » لصالح المسرحية ودفاعا عن جينيه، إلا أن عرض المسرحية لم يستمر سوى ثلاثة أسابيع وقدمتها غالبية العواصم العالمية لعدة أشهر مع حذف بعض المشاهد. وتنقسم مسرحية «الستارات » إلى أربع مراحل، تصور في المرحلة الأولى حياة « سعيد » رفقة زوجته «ليلى» في فقر وبؤس تحت ظل الاحتلال الفرنسي، وفي المرحلة الثانية، تتناول المسرحية صراع « سعيد » ضد إدارة الاحتلال، التي حولته إلى لص خارج عن القانون، ومنبوذ من طرف الجميع. وقبل أن يتم القبض عليه، ويلقى مع زوجته في السجن، أما المرحلة الثالثة فإن الكاتب « جان حينيه » يخصصها لاندلاع الثورة التحريرية، حيث نرى أهل القرية يقبلون على بيت الشهيدة « خديجة » ويتلقون من وحي روحها التحريض على الانخراط في الثورة ودعمها ومساندتها، فيروي كل واحد منهم صراعه ضد المحتلين بطريقة رمزية، وفي مواقف درامية تبرز انتشار الثورة في كل ربوع الوطن وفي المرحلة الرابعة تصور المسرحية انتصار الثورة وطرد الاحتلال وبالتالي ولادة عهد جديد.
وإذا كنا سنكتفي بذكر هذا النموذج المسرحي، فإنه من الواجب أن نشير إلى حضور الجزائر تاريخا وثورة وفضاء حضاريا واجتماعيا في الأدب العالمي، « لقد أنتج الكتاب الأوروبيون أدبا كثيرا صاغوه من وحي الجزائر... ومن نافلة القول أن نعلن بأن ما كتبه هؤلاء عن الجزائر يفوق بكثير ما كتبه الجزائريون عن أنفسهم أضعافا مضاعفة » .
5- خلاصة:
وخلاصة القول أنه ثمة تراكم مسرحي جزائري بالعربية الفصحى وبالدارجة وبالفرنسية وعربي وعالمي، تفاعل مع الثورة التحريرية الجزائرية، فواكبها وتفاعل معها ممجدا لتطلعاتها وقيمها ومقاوما للاستعمار، وذلك انتصارا لروح الرفض، نظرا للطبيعة التفاعلية بين المسرح والمقاومة، إذ « يكاد مسرح المقاومة أن يكون شكلا مستقلا من أشكال التعبير الدرامي ... والمقاومة في ذاتها صراع بين قوتين، لهذا كانت بطبيعتها خامة درامية »، وإنه مهما يكن المستوى الفني لذلك التراكم المسرحي، بحكم طابعه المناسباتي وإمعانه في الواقعية التسجيلية وسرعة إنتاجه لارتباطه بالدعاية للثورة ودعمها ومناصرتها، مهما يكن ذلك كله فإن تلك المسرحيات قد حاولت تصوير الثورة الجزائرية في لوحات فنية وإن كانت لا تفي عظمة حوادث الثورة وقيمها الخالدة، إلا أنها تحاول أن تسجل حضور الثورة في التعبير المسرحي، وهذا في انتظار الكاتب الفذ الذي يسمو بثورة نوفمبر 1954 إلى مستواها الحقيقي كملحمة شعبية خالدة.
لقد لاحظنا من خلال دراستنا للإنتاج المسرحي الجزائري المتفاعل مع الثورة التحريرية أن هذا المسرح قد تحدى أسوار الحصار التي أقامها الاستعمار حوله، فكانت هجرته إلى الخارج هروبا بمشهد الثورة وصوتها، ما جعل قيادة الثورة تعتمده سفيرا مفوضا مكلفا بمهمة التعبير عن الثورة التحريرية للرأي العام العالمي، وذلك من خلال إنشاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني بتونس، وسواء أكان هذا النشاط المسرحي تحت مظلة الجبهة أم خارجها، فقد انعكست الثورة فيه، وتجاوز ما تنقله المرآة المسطحة بواقعية والتزام، إلى ما تصنعه المرآة المقعرة حيث تجمع خيوط الضوء وتركزها وتشعها من جديد أكثر تركيزا وقوة ووضوحا. فكان مسرحا يشع الثورة، إذ تشعه ويخلقها إذ تخلقه، كما لاحظنا أن كثيرا من النصوص المسرحية المقاومة والتي تعود إلى فترة الثورة التحريرية، أو قبلها قد ضاعت، وهي في حاجة إلى من يبحث عنها وينشرها مثل مسرحية » الحاجز الأخير « لمصطفى الأشرف، وعديد المسرحيات الإذاعية التي تشكل تراثا وطنيا هاما له علاقة مباشرة بذاكرة الأمة في لحظات فارقة من تاريخها.
إن المسرح الثوري الجزائري الذي حاول تشخيص ثورة أول نوفمبر 1954 قد قاوم الاستعمار باستعمال اللهجة الشعبية الدارجة وباللغة العربية الفصحى وباستعمال اللغة الفرنسية، وقد سمح له هذا التنوع في لغة الحوار من مخاطبة شرائح واسعة من الجمهور فتمكن بذلك من إيصال مشهد الثورة وصوتها إلى أبعد مدى، كما أن الواقعية هي أهم ما طبع المسرح الجزائري المواكب والمعبر عن الثورة التحريرية. فتجلت حقيقة الثورة وشمولية الصراع من أجل انتزاع الحرية والاستقلال حتى أننا يمكن أن نعتبر تلك المسرحيات وثائق تاريخية تكشف حقيقة الثورة وقيمها. لكنها واقعية متفائلة بحكم ارتباط هذا المسرح بوظيفته السياسة في الدعاية للثورة وتمجيدها ومناصرتها، ونتيجة ذلك يمكن أن يمتلأ الكاتب بالحماس الوطني الفياض فيبادر إلى حسم الصراع لصالح الثورة وتبرز النبرة الخطابية في المشاهد، غير أن بعض المسرحيات تجاوزت مثل هذه الهنات وعلى العكس من ذلك استطاعت أن تبلغ مستوى فنيا عالميا راقيا امتزجت فيه قوة الرمز مع قوة الخطاب دراميا وشعريا وملحميا.
إن الإبداعات المسرحية الجزائرية التي واكبت الثورة التحريرية وعبرت عنها قليلة جدا قياسا مع التراكم الشعري والقصصي، غير أن هذه النماذج القليلة استطاعت أن تعكس حقيقة الثورة وأن تشخص عمق الصراع بأشكاله المختلفة.
للموضوع مراجع
-تمت-


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.