الرئيس يعزّي    الجزائر تُعرب عن بالغ قلقها وشديد أسفها    دورة دولية بالصابلات    معرض الجزائر الدولي يُفتتح اليوم    انطلاق عملية فتح الأظرفة الخاصة بالمزايدة    مزيان يستقبل وزير الثقافة والاتصال الموريتاني    غالي يشدد على أهمية الاستمرار في الكفاح وبذل كل الجهود من أجل حشد مزيد من المكاسب والانتصارات    أطول أزمة لجوء في العالم    مولودية الجزائر بطلا للمرة التاسعة    خارطة طريق لتحسين تسيير النفايات    مولوجي تستقبل وزيرة عُمانية    عطاف يلتقي نظيره اليمني    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    استشهاد 53 فلسطينيا في غارات صهيونية على قطاع غزة    حادث ملعب 5 جويلية: الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك يزور المصابين    الموافقة على تعيين سفير الجزائر الجديد لدى جمهورية مالاوي    الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية "منعطف خطير في المنطقة"    حادث ملعب 5 جويلية: لجنة تابعة لوزارة الرياضة تتنقل إلى الملعب    دعم الوساطة المالية غير المصرفية بتطوير كفاءات التمويل    استراتيجية وطنية لتطوير تصنيف الجامعات الجزائرية    لا حل للملف النّووي الإيراني إلا النّهج السياسي والمفاوضات    مناطق صناعية جزائرية عمانية لدعم الاستثمار والإنتاج الثنائي    "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025: مخطوطات تاريخية ثمينة وكتب تبرز أصالة وثقافة الشعب الصحراوي    أولمبيك مرسيليا يقدم عرضا لدورتموند من أجل بن سبعيني    استزراع 3 آلاف من صغار سمك "التيلابيا"    بداية مشجعة لموسم جني الطماطم الصناعية    سلطة الضبط تدين تصاعد الخطاب الإعلامي المضلّل ضد الجزائر    خزان مائي بألفي متر مكعب هذا الصيف    عنابة قطب سياحي واقتصادي بمعايير عصرية    الرئيس إبراهيمي يريد جمعية عامة هادئة ودون عتاب    الزمالك يصر على ضم عبد الرحمن دغموم    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش    مناورات ميدانية لمكافحة الحرائق بسكيكدة وجيجل    الجزائر - روسيا.. بحث سبل التعاون في الشأن الديني    افتتاح موسم الاصطياف 2025: والي ولاية الجزائر يدشن عدة مرافق    العاب القوى: انطلاق البطولة الوطنية للمسابقات المركبة بالمضمار الخاص (ساتو) بالمركب الاولمبي    معرض الجزائر الدولي ال56 ينطلق غدا الاثنين, وسلطنة عمان ضيف شرف الطبعة    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    اتصالات: انطلاق عملية فتح الاظرفة الخاصة بالمزايدة لمنح رخص استغلال الجيل الخامس    وزير الثقافة والفنون يشرف من الجزائر العاصمة على اطلاق "ليلة المتاحف"    كأس الشهيد أحمد زبانة: تتويج ثنائي جيل مستقبل زهانة باللقب بمعسكر    افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    اتحاد العاصمة يغرق    استعراض رؤية الجزائر وتجربتها الرائدة    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    بلايلي يكتب التاريخ    إيران تواصل الرد الحازم على العدوان الصهيوني    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلامي محمد رحال يوقّع "هدّارة"
نشر في الشعب يوم 09 - 05 - 2023

صدر حديثاً للإعلامي والشاعر محمد رحّال عن "دار خيال" للنشر كتاب جديد بعنوان: "هدّارة" (بتخفيف الهاء والدال)، وهو كتاب من الحجم الصغير استهل الكاتب مؤلَفه بتقديم تعريف بسيط بشخصية الولي الصالح هدارة، الطفل الرضيع الذي ضاع من أمه وسط عاصفة رملية فاحتضنته نعامة فتربى مع النعام كواحد منهم، إلى أن تعرفت عليه قبيلته بعد ذلك بحوالي 12 سنة وهو من كان في نظرهم في عداد الأموات.
الكتاب جاء على شكل نص مسرحي أو أوبرات، يحكي قصة هدارة على شكل حوارات شعرية باللهجة الحسانية المحلية، وهو مقدمة لسلسة قصصية باللهجة الحسّانية المستوحاة من الثقافة الشعبية لمجتمع البيظان.
كتاب "هدارة" لم يتناول قصة الولي الصالح هدارة الذي عاش مع النعام ردحاً من الزمن بدايات القرن الماضي من الجانب الأنثروبولوجي، بل هو قصة درامية باللهجة الحسّانية المبسّطة مكتوبة بطريقة سجعية فيها موسيقى رائعة، أفرد فيها الكاتب شخصية مستقلة للنعامة التي ربّت "هدارة" وجعل لها لساناً ناطقاً تتقاسم الحوار الشعري مع هدارة الشاب اليافع وأفراد قبيلته، الى جانب الراوي الذي زاد من جمالية القصة ورونقها، وكتاب هدارة الجديد يمكن إدراجه في خانة أدب الطفل وقصص الجدّات اللاتي يروينها للأحفاد في ليالي السمر، وحاول الكاتب من خلال هذا المؤلَف الى المساهمة في تكريس والحفاظ على الثقافة الشعبية وتدوين جانب من التراث اللامادي وتقديمه للقارئ في شكل مادي.
«حاول هذا النص الشعري الولوج إلى عالم الأسطورة الشعبية مستلهماً شخوصها وحكاياها من الأدب الشعبي الحسّاني، بدءًا من الحياة البدوية البسيطة، وصولاً إلى قصص الحيوان الذي رافق الانسان العربي الصحراوي في حلّه وترحاله.
هذا النص يُظهر مدى فهم، إدراك وتمكّن الكاتب من هذا التراث الشعبي باستلهامه في نص هدارة وصياغة حواراته وشعره باللهجة الحسّانية الراقية، تقاطعت في كثير من مشاهدها مع مخزون المخيال والذاكرة الجماعية، مما يعطيها هوية متميزة ومتجددة تعيد بناء الماضي لدى المتلقي بصور وأنساق جديدة، تجعله في تواصل دائم مع تراثه وثقافته الشعبية".
القصة الشعبية الحسّانية "هدارة" تصلح لأن تكون مسرحية أو فلماً كرتونياً، نظراً لكثرة أحداثها التي جاءت في نسق محكم وموسيقى جميلة، يجعلان القارئ يعيش أحداث القصة التي وقعت في ضواحي مدينة تندوف.
هدارة.. الطفل الذي أضاعته أمه فاحتضنته نعامة
كانت مدينة تندوف خلال القرنين التاسع عشر والعشرين مع موعد مع حادثة غريبة، نُسجت حولها قصص وروايات اختلطت فيها الحقيقة بالأسطورة، كان بطلها طفل رضيع تاه وسط عاصفة رملية اجتاحت بادية تندوف في غفلة من الأم، فظلّ الطريق، الى أن عُثر عليه بالصدفة وهو في ريعان شبابه بعد سنوات قضاها وسط النعام.
يروي الأستاذ والباحث طاهر عبد العزيز المختص في دراسة تاريخ المنطقة تفاصيل قصة هدارة التي تعود إلى بدايات القرن التاسع عشر، حيث كانت مجموعة من قبيلة إديشلي الحسّانية في ترحال معتاد بحثاُ عن الكلأ، فلاحظت سيدة من القبيلة تدعى فاطمة عشاً للنعام به بيض، فتخلّفت عن الركب بناقتها لما رأت العش فأناخت الناقة قصد التقاط البيض ووضعت طفلها هدارة بالقرب من العش، ففزعت الناقة وانطلقت في الفيافي وهرعت فاطمة على اثرها للامساك بها، لكن زوبعة رملية اجتاحت المنطقة حولت المشهد إلى مأساة كان ضحيتها هدارة الذي تاه عن أمه، فظلت القبيلة تبحث عنه لأيام وليالٍ متواصلة حتى فقدوا الأمل في العثور عليه.
بعد حوالي 12 سنة من الحادثة، تفطّن أحد الرعاة إلى وجود آثار أقدام بشرية إلى جانب آثار النعام الذي كان يستوطن المنطقة بأعداد كبيرة، قبل انقراضه في السبعينيات من القرن الماضي.
أدرك الراعي للوهلة الأولى أن هذا الآدمي الذي يتجول مع النعام هو ذاته الطفل أمحمد الذي اختفى قبل سنوات، لتستنفر القبيلة كل أفرادها للبحث عنه والامساك به.
وبعد بحث مضنٍ بوادي تندوف، شوهد هدارة للمرة الأولى رفقة النعام الذي كان يعتبره عائلته، يتجول معه بحُرية، يأكل مما تُنبت الأرض من أعشاب طبيعية، فكان يتصرف مثل النعام ويجاريهم في سرعة الجري.
وبسبب سرعته الفائقة في الركض وإدراك القبيلة استحالة الامساك به، قرروا نصب الفخاخ في طريق هدارة للامساك به، وبعد عديد المحاولات وقع هدارة في قبضة أبناء عمومته الذين اقتادوه إلى عائلته وسط ذهوله مما يجري حوله.
قصة هدّارة واقعية حسب شهود عيان وممّن عاصروه في خمسينيات القرن الماضي، أين قضى معظم حياته مرتحلاً متجولاً بين تندوف ومدينة السمارة بالصحراء الغربية المحتلة ومدينة أدرار بإقليم توات، بل أدى مناسك الحج مشياً على الأقدام في آخر سنوات حياته.
أمحمد ابن آكريمش
أمحمد ابن آكريمش الملقب ب "هدّارة"، ينتمي لقبيلة إديشلي من بطن امحيصر، وُلد سنة 1813 بتندوف، توفي ودُفن بها عام 1958 عن عمر ناهز 145 عاما، وقد زار في عام وفاته مدينة أدرار بإقليم توات قادما إليها من مدينة بني عباس، حيث كان له صديق هناك يدعى الحاج كروم العبّاسي، والذي كان يُقدم له الهدايا والعطايا مع الوافدين من قبيلة الرقيبات إلى بني عباس، وكان الحاج كروم تاجراً مرموقاً في بلدة بني عباس سمع الكثير عن هدارة الولي الصالح صاحب الكرامات الذي عاش طفولته مع النعام، وما كان من هدارة إلا أنه عزم على مرافقة الرقيبات لبني عباس رغبةً منه في لقاء هذا الرجل الذي يصنع معه صنيع الخير ويشكره على كرمه وعطاياه.
وَفَد هدارة مع الحاج كروم العباسي إلى أدرار، حيث التقى هناك بالفقيه محمد سالم بن ابراهيم تلميذ الشيخ العلامة بلكبير، وهو إمام مسجد الجيلالي الذي صلّى فيه هدارة طيلة مكوثه في أدرار لإجراء عملية جراحية على عينيه التي امتدت لشهرين كاملين، فنقل على لسانه قصته. شكّلت قصة هدارة مادة دسمة للعديد من المؤلفات والكتب، تناول فيها أصحابها شخصية هدارة من زوايا مختلفة، فقد كتبت الروائية والإعلامية السويدية مونيكا زاك كتاباً حول الطفل الذي عاش مع النعام، مستندةً على رواية أحمدو ابن هدارة الذي التقت به في مخيمات اللاجئين الصحراويين، وقد طُبع الكتاب سنة 2007 بإشراف رسمي من الجزائر.
كما تناول كتاب "الشيخ ماء العنين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الاوروبي" الذي ألّفه الطالب اخيار بن الشيخ مامينا جانباً من حياة هدارة من منظور صوفي، فقد كان عالماً ورعاً التقى بالعلامة الشيخ ماء العنين واستمع لكثير من دروسه، ومكث عنده يتردد على مجلسه العلمي في السمارة بالصحراء الغربية، وقد تطرق كتاب "الشيخ ماء العنين علماء وأمراء" عن هذه القصة بالتفصيل، إلى جانب كتاب "سيدي هدارة الولي المصاحب لطير النعام" للكاتب الدكتور حمادي الإدريسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.