رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطلوب 4 ملايين وحدة سكنية لإنهاء الأزمة
10آلاف مرقي مزيف "يحتالون" على المواطنين في مجال السكن


تصوير: يونس أوبعيش
عندما يحلّ النصب والإحتيال محلّ القانون والأخلاق
بيع المساكن فوق التصاميم والمخططات .. أو شراء الحوت في البحر!
هل أزمة السكن في الجزائر قضاء وقدر أم حتمية صنعتها العشرية السوداء وبعدها الحمراء؟ من يتحمل مسؤولية هذه الأزمة: الدولة الشعب أم ثلة من الصماصرة والبزناسية وتجار الأزمة ممن يبيعون ويشترون في مآسي ونكبات المواطنين؟
*
هل بيع المساكن فوق المخططات والتصاميم، لا يختلف عن شراء الحوت في البحر؟ ألا يكفي برنامج أو مشروع إنجاز مليون وحدة سكنية للقضاء على محنة السكن في الجزائر وبالضربة القاضية؟، أم أن المستفيدين المزيفين والوهميين أفشلوا كل البرامج والمشاريع ومختلف المحاولات الرامية إلى حلحلة أزمة ليست كباقي الأزمات؟ ماهو دور الدولة في مراقبة التوزيع العادل للمساكن، وماهو دور المواطن في تكريس الإنصاف والشفافية في هذا التوزيع؟
*
*
المرقي العقاري امحند صحراوي يقرأ معادلة السكن في الجزائر
*
حلحلة أزمة السكن تتطلب برنامجا لبناء 4 ملايين وحدة سكنية عبر الوطن
*
*
صرح رئيس جمعية قدماء المهندسين المعماريين أمحند صحراوي صاحب شركة الترقية العقارية روضة الفتح "سوبيراف" أن "الدراسات السوق" التي قامت بها شركته على سوق العقار في الجزائر كشفت أن حل أزمة السكن في الجزائر يتطلب وضع برنامج وطني لبناء 4 ملايين سكن عبر الوطن"، وبالنسبة لمليون سكن المبرمجة في إطار برنامج رئيس الجمهورية فإنها لن تحل أزمة السكن، بل يمكن أن تخفف منها قليلا إلى حين، كما شدّد صحراوي على ضرورة وضع سياسة وطنية لهدم السكنات القديمة وإعادة بنائها".
*
وأوضح المتحدث في لقاء مع "الشروق" أن "الحظيرة الوطنية للسكنات الترقوية تصل إلى 20 ألف سكن ترقوي، من بينها 18 سكن قيد الإنجاز أو أصبحت جاهزة للتسليم"، مضيفا أنه "طالما كل ما يبنى من سكنات ترقوية يباع في ظرف قياسي يعني أن الأسعار في متناول القدرة الشرائية للمواطنين وأن هناك مواطنين لديهم قدرات على الدفع، أو على الأقل هناك فئات بإمكانها شراء السكنات الترقوية، مضيفا أن في العاصمة إمكانية لبناء 10 آلاف سكن ترقوي وستباع كلها بسهولة كبيرة، لأن الطلب كبير على السكن الترقوي رغم ارتفاع سعره بالنسبة لبعض الفئات، وليس في العاصمة فقط، بل لن يجد المُرقي العقاري أي صعوبة في بيع السكنات الترقوية في أي مدينة أخرى لأن الطلب كبير".
*
وعن المرقين العقاريين الذين يرفعون سعر السكنات بعد انطلاق أشغال الإنجاز بحجة إرتفاع أسعار المواد الأولية للبناء، خاصة الإسمنت والحديد، قال المتحدث أن القانون يسمح للمرقين العقاريين برفع سعر البناءات بنسبة 10 بالمائة، عندما ترتفع أسعار الإسمنت والحديد، وهو إجراء يلجأ إليه عادة صغار المرقين العقاريين الذين يتضررون لمجرد حدوث زيادة طفيفة في أسعار المواد الأولية.
*
وأوضح المتحدث أن أسعار السكن في السوق حاليا تتراوح بين 70 ألف دينار و100 ألف دينار للمتر المربع، مضيفا أن مخطط المرور المعمول به في الجزائر العاصمة والذي يمنع الشاحنات من نقل الرمل والإسمنت والحديد ومواد البناء في النهار عبر طرقات الجزائر العاصمة يتسبب في عرقلة أشغال ورشات البناء والسكن، ولابد من إعادة النظر فيه".
*
بالإضافة إلى مشكل ارتفاع سعر اليد العاملة وعدم كفاءتها مما يضطرهم إلى اللجوء لليد العامة الصينية أوالشركات الأجنبية التي تتوفر على الكفاءة في البناء أكثر من الجزائريين، ولا حتى الشركات الجزائرية المؤهلة مضيفا " ليس هناك ولا مؤسسة بناء جزائرية يمكن الإتكال عليها لبناء مشروع سكني بحجم 1000 وحدة سكنية لتسليمه في آجاله المحددة بما في ذلك كوسيدار، كل الشركات الجزائرية للبناء تأخذ المشاريع ثم تسلمها عن طريق المناولة لشركة أخرى".
*
*
بين المرّقي والمستفيد علاقة تذبذب
*
هل تنهي عقود البيع على التصاميم "فوضى" العمران
*
*
شرعت السلطات العمومية ابتداء من مطلع السنة الجارية 2009، في تطبيق تعليمة تشترط عقد البيع "أولي" على التصاميم لجميع المرّقين، قبل مصادقة مديرية السكن بالولايات على قائمة المستفدين، كإجراء من شأنه الحد من "الفوضى" الموجودة في واقع السكنات ومخططات البيع، حيث تفتقد العديد من التجمعات السكنية الحديثة لتهيئة المحيط والدقة في إنجاز شبكات المرافق الضرورية.
*
وفي ذات السياق، قامت مصالح وزارة السكن، بتحضير مجموعة من النصوص التنظيمية صنفت أكثر ردعية، تجبر المقاولين وأصحاب المشاريع السكنية على تهيئة الأحياء والمجمعات السكنية قبل تسليمها، من خلال إعداد دراسات تدمج في التصاميم وتضم أشغال الشبكات الأولية والثانوية قبل الشروع في عمليات الإنجاز، وخصص، خلال العام الجاري، الأولوية لمشاريع السكن الاجتماعي التساهمي، برصد 20 مليار دج لتهيئة الأحياء.
*
وقال احمد بن قعود، رئيس اتحاد مقاولي البناء والعمران، في تصريح ل "الشروق" إن الجزائر لا تزال تشتغل بالتصاميم القديمة المستخدمة في قطاع البناء في المدارس والثانويات والعمارات، منذ سنوات، موضحا "لا توجد تصاميم تشرف أو دراسة، ونسجل غياب الاجتهادات في النموذج لدى مكاتب الدراسات"، وأفاد المتحدث أن المرقين حتى داخل الاتحاد ليس لديهم اجتهادات تخص كيفية إتقان المشاريع، مضيفا أن الوجهة الخارجية لا تتغير "المهم البحث عن الأموال فقط".
*
وأكد بن قعود أنه كلما كانت اجتهادات في التصاميم يدفع صاحب المشروع أكثر، واعتبر أن المرّقي يهمه الحصول على وثيقة التصاميم لبناء عمارة والمرافق الأخرى لا تعنيه، ما دام المشتري موجود وتحصيل الأموال قائم لا مراقبة فيما بعد لمعايير النظافة، غير أنه أوضح أن هناك مشاكل مع المستفيدين وتبادل للتهم، في ظل الفوضى القائمة.
*
وقال رئيس اتحاد المقاولين "يا ريت لو يطبق القانون الخاص بعقد البيع على التصاميم ليستفيد المواطن"، وتغير المقاييس والمعايير المتبعة في شكل الواجهة والشكل الخارجي للعمارة، مضيفا أنه حتى المساحات الخضراء غزاها الإسمنت.
*
ويشار إلى أن عددا من المرّقين حصلوا على حصص مالية من المستفيدين ولم يشرعوا في البناء لعدة أسباب، وآخرون أحيلوا على العدالة لتعطل الإنجاز أو هدم بناءاتهم بسبب انعدام الرخصة، وكان من المفترض أن يوقف المرّقي في بداية الأشغال.
*
هذا، وشدّد وزير السكن على أصحاب المشاريع السكنية ومكاتب الدراسات، من أجل احترام الخصوصيات الجغرافية لكل منطقة لوقف ''الفوضى'' الكبيرة التي نتجت، عن سياسة التعمير السريع التي ميزت بداية التسعينيات، مع إجبار المرقين العقاريين على إنجاز عقد البيع على التصاميم قبل تسجيل عملية الضمان لدى صندوق الضمان الكفالة المتبادلة للترقية العقارية التابع لوزارة السكن، مؤكدا أن سكنات ديوان الترقية والتسيير العقاري الاجتماعية التساهمية والترقوية سيتم تمويلها من طرف "كناب بنك" ولا تتعدى سعر 250 مليون سنتيم.
*
*
هذه خطوات دفع الحصص المالية في البيع على التصاميم
*
*
يستعين أغلبية المرقين العقاريين الذين لا يمتلكون الإمكانات المادية الكافية بالبيع على التصاميم، عكس من لديه فائضا في المال ممن يقومون بالشراكة مع البنك ويقومون ببناء مشاريع سكنية بطريقة حرة ثم يلجؤون للبيع في نهاية المطاف.
*
وتنطلق العملية بحصول المرّقي على ملكية الأرضية ثم رخصة البناء وفق عدد السكنات في المساحة وبعدها يلجأ لصندوق الضمان الكفالة المتبادلة للترقية العقارية، ويشرع في البيع ويقدم المستفيد قسطا ماليا قدره 15 بالمائة للتعبير عن نية الشراء، ثم يضع المرقي عقدا موثقا بالبيع على المخطط، بعد أسبوع أو شهر يضيف المستفيد حصة 10 بالمائة ليصل المجموع 25، بعد 6 أشهر ترتفع القيمة إلى 50 بالمائة توازيا مع 50 بالمائة من انجاز المشروع، تضاف بعدها 25 بالمائة لتصل 75 بالمائة و25 المتبقية عند التسليم.
*
وتطبق طريقة البيع على المخطط بالأكثر على الترقوي ونفس الشروط للتساهمي لكن الترقوي أعلى ثمنا، في حين تتحمل السلطات في التساهمي توفير الأرضية ودفع المصاريف الخاصة بأشغال التهيئة الكبرى المقدرة بحوالي 40 بالمائة من قيمة المسكن بالمقارنة مع الترقوي، ويسمح عقد البيع بالحصول على قرض من البنك، حسب راتب المستفيد والضمانات، ويتسلم المستفيد العقد النهائي عند وصول الأشغال 100 بالمائة.
*
ويشار إلى أن قيمة التسجيل للعقد الأولي للبيع لدى الموثق يصل 5 بالمائة من قيمة العقار زائد حق الموثق، فمثلا مسكن قيمته 500 مليون سنتيم تدفع 30 مليونا زائد 8 ملايين مصاريف الموثق، المجموع 38 مليون سنتيم.
*
*
الحكومة تتمسك بالبيع على التصاميم كخيار لا رجعة فيه
*
الترخيص بمراجعة أسعار المساكن قبل تسليمها يقنّن الإبتزاز
*
*
تتمسك الحكومة بالإبقاء على صيغة بيع السكنات على التصاميم، كما تفضل الإبقاء على المكاتب التابعة للدولة المعنية بهذا النوع من البيع، بالرغم من المشاكل المترتبة عليها، والنصب والاحتيال والآلاف من الملفات المحولة على العدالة، بسبب ضياع حقوق أشخاص حالمين بمسكن يأويهم، على خلفية جهلهم للقوانين التي يمكن لهم الاستناد عليها لحماية حقوقهم ضمن عقود قانونية غالبا ما تنتهي بعقود مشبوهة متلاعب فيها، ومفتوح مصيرها على كل الاحتمالات لصالح شركات ومكاتب فضلت سوق العقار للاستثمار في صيغة حق أصبح يراد به باطل.
*
آخر تصريح جاء على لسان وزير السكن والعمران نور الدين موسى الأسبوع الماضي، يؤكد أن الحكومة ليست لها أي نية في التخلي عن صيغة البيع على التصاميم، التي تعتبر بمثابة شراء مؤجل النفاذ لأن الدفع يكون مسبقا في حين أن العملية لن تتم إلا بعد استكمال البنايات، وارتكز موسى على أن صيغة البيع على التصاميم صيغة قانونية ومعمول بها في كل دول العالم، موضحا أن المشكلة بالنسبة للجزائريين جهلهم بحماية أنفسهم وحقوقهم من خلال إبرام عقود ببنود واضحة.
*
وتعتبر صيغة بيع عقار بناء على التصاميم نظاما مستحدثا في القانون الجزائري بمرسوم 93/03 وهو عقد يلتزم بموجبه البائع الذي يدعى المرقي العقاري بإنجاز بناية أو جزء من البناية للمشتري مقابل ثمن تقديري يدفعه المشتري بنسب وفي آجال يتفق عليها الطرفان، وسمي هذا البيع بالبيع على التصاميم لأن المشتري يعاين العقد في مخطط يحدد كل مواصفاته قبل وجوده على أرض الواقع، ومن بين خصائص هذا البيع أنه يتميز بالطابع الشكلي والرسمي. كما أن عقد محله دائما عقار معد للاستغلال وهو غير موجود عند التعاقد وإنما قابل للوجود مستقبلا.
*
وتتشابه الى حد ما التزامات البائع المرقي مع التزامات المقاول في مواجهة رب العمل خلال فترة الإنجاز أو بعدها، ومع التزامات البائع العادي فيما يخص نقل ملكية الشيء المبيع إلى المشتري، وقد وضع المشرع مصلحة المشتري المستفيد من عقد بيع العقار بناء على التصاميم ضمن اهتماماته الأساسية في تنظيم هذا البيع وذلك باشتراطه بنصوص آمرة بتوفير ضمانات خاصة، ولعل أهم المجالات التي تجب فيها حماية المشتري في عقد البيع بناء على التصاميم هي ما تعلق بانتقال الملكية ومدة الإنجاز وتحديد ثمن العقار المبيع، وكذا حسن الإنجاز.
*
ويشكل الثمن في عقد البيع أحد الالتزامات الرئيسية للمشتري، والمشكل المطروح في عقد بيع العقار قبل الإنجاز هو كيفية تحديد الثمن وطريقة مراجعته ووقت استحقاقه، والثمن الذي يذكر في هذا النوع من العقود طبقا للقانون الجزائري هو ثمن أولي تقديري قابل للمراجعة بالزيادة وليس نقصانا، وهذا خلافا للقانون الفرنسي الذي يشترط أن يكون الثمن المقدر نهائيا غير قابل للمراجعة.
*
فالمادة 10/5 و6 من مرسوم 93/03 أوجبت أن يذكر في عقد البيع بناء على التصاميم كبيان أساسي السعر التقديري وكيفيات مراجعته إن اقتضى الأمر وكذلك شروط الدفع وكيفياته، وكذلك رقم 5 و6 من العقد النموذجي لمرسوم 94/58 ضرورة تحديد ثمن البيع وكيفيات دفعه، مع ربط قيام المشتري بالدفع المجزأ تبعا لمراحل تقدم الأشغال وأيضا كيفية المراجعة إن اقتضى الأمر.
*
من هنا يتضح أنه تصبح طريقة المراجعة الدورية للثمن وسيلة لابتزاز المشتري كلما طالت مدة الانتظار ومع ذلك يبقى الابتزاز الممارس في حق المشتري إبتزازا مشروعا ومقننا، خاصة وأن البناء التساهمي يعد شكلا من أشكال البيع المؤجل أو البيع من دون ضمان ولو بدرجة أقل على اعتبار أن السكن التساهمي هو سكن يبقى تابعا في ملكيته للدولة ومدعوما من قبلها.
*
*
سماسرة و"بزناسية" قتلوا الأمل لدى شرائح من الجزائريين
*
استوديوهات وأكواخ قصديرية للهروب من أزمة السكن
*
*
كانوا يعتقدون أن مكوثهم داخل ''استوديو '' مكون من غرفة واحدة مسألة وقت لا أكثر، وأن السلطات المحلية ستبني وتشيد لهم المساكن الموعودة.. تمضي السنوات، ينجبون أطفالا ويكبرون معهم تحت سقف القصدير وغرفة واحدة.. من طول الإنتظار قتل اليأس آمال حصولهم على سكن، فتحول هذا الحلم إلى كابوس لا بد من نسيانه.
*
نموذج من هؤلاء الجزائريين يتجلى بوضوح تام في مساكن بغرفة واحدة في حي ديار المحصول بالمدنية بالجزائر العاصمة، عائلات كثيرة لا إمكانياتها ولا أوضاعها تسمح لها بالحصول أو حتى الحلم بمسكن آخر. من هؤلاء أب لعائلة أكبر أولادها فاق سنه العشرين، ومع ذلك لايزال يقطن رفقة عائلته تحت سقف مسكن مكون من غرفة واحدة، يقول عن نفسه أن حلم السكن لم يعد يعنيه وأن سنوات الإنتظار علمته وعائلته كيف يتكيف ويتأقلم مع هذا المشكل، هذه الغرفة لم تعد تصلح إلا للمبيت، ابنه الأكبر اضطر لأن يكون عاملا أو حارسا في الليل حتى يجد لنفسه مكانا يأوى إليه، فيما اضطرت والدتهم إلى وضع إزار في غرفة واحدة تسدله عند الليل تفصل به بين بقية أبنائها.
*
نموذج آخر من طول الانتظار، عائلة تقطن بحي بالقصدير في السمار، كان الزوج بعد خروجه من منزل العائلة الكبيرة يعتقد أن مكوثه داخل الكوخ القصديري مسألة وقت وأن سلطات البلدية ستمنح له سكنا اجتماعيا أو على الأقل كما قال ''شالي من غرفتين يتحمل برودته في الشتاء وحرارته في الصيف''، وتمضي الأيام لأكثر من 15 سنة أنجب فيها ثلاثة أطفال أكبرهم سنا يتواجد بمركز الأحداث في السجن، بعد تورطه في طعن زميل له بسبب المخدرات، ابنه الذي يقول عنه إنه ضحية لأزمة السكن في الجزائر التي تقف وراء العديد من المشاكل الإجتماعية.
*
هذا الملف الذي تحول إلى كابوس لدى الكثيرين ممن قضى اليأس على آمال انتظارهم، بل أنهم أصبحوا مؤمنين بقدر حياتهم تحت سقف غرفة واحدة مدى الحياة بالنظر إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم ارتفاع مستوى الأجور، فمن هو يملك مسكنا بغرفة واحدة في الجزائر العاصمة أصبح حاله أحسن بكثير ممن هو مؤجر ل ''استوديو'' الذي أضحى ثمن إيجاره لا يقل عن المليون للشهر الواحد، وأمام ارتفاع أسعار الكراء أصبح هؤلاء يشعرون بأن ذلك السكن هو بمثابة سكن لائق لحياتهم، يرضون بأن يبقى أطفالهم لساعات طويلة خارج المنزل ولا يسألون عنهم لأنهم عندما يعودون لمكان للهدوء، مثلما تعود الأبناء أن لا يسأل آبائهم عنهم لأنهم في المنزل الكبير الذي يأوي الجميع.. الشارع بكل ما فيه من مخاطر أو كما يقول عنه هؤلاء "البيت الكبير".
*
*
المرقون العقاريون يطالبون بهيئة ضمان تمكنهم من استرجاع أموالهم
*
10 آلاف مرقي مزيف "يحتالون" على المواطنين في مجال السكن
*
*
قال رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني لضمان الترقية العقارية ورئيس جمعية قدماء المهندسين المعماريين، امحند صحراوي، صاحب شركة الترقية العقارية روضة الفتح "سوبيراف" أنه يوجد على المستوى الوطني 15 ألف مرقي عقاري عبر الوطن، من بينهم 5000 مرقي فقط مصرحين لدى صندوق ضمان الترقية العقارية التابع للدولة، في حين أن 10 آلاف مرقي عقاري آخر غير مصرحين لدى الصندوق، ومع ذلك يقومون ببيع السكنات على التصاميم، بسبب عدم ملكيتهم للتمويلات الضرورية لإنجاز المشاريع السكنية، ويوهمون زبائنهم بأنهم مصرحون لدى الصندوق من أجل كسب ثقتهم، يحتالون على المواطنين من خلال استظهار بطاقة الانخراط في صندوق ضمان مشاريع الترقية العقارية، ولكن الحقيقة أنهم غير مصرحين، لأن المرقّين الحقيقيين يملكون البطاقة زائد شهادة الضمان، إضافة الى عقد الضمان الذي يوقعونه مع صندوق ضمان الترقية العقارية مقابل دفع 1,5 بالمائة من قيمة المشروع.
*
وقال المرقي العقاري امحند صحراوي في لقاء ب "الشروق" حول موضوع "وضعية مهنة الترقية العقارية والبيع على التصاميم" أن المرقين الحقيقيين يمثلون شركات كبرى مصرحة في الصندوق، أما المرقّين المزيفين فما هم سوى مقاولين صغار جدا إن صح القول يعتقدون بأن الترقية العقارية مهنة مربحة وسهلة وتدرّ الملايير، لأن الدولة تقدم إعانات في مشاريع السكن التساهمي كما توفر لهم إعفاءات قدرها 80 بالمائة من ثمن العقار المخصص لبناء المشروع السكني، فيأخذون مشاريع سكنية تساهمية ويستفيدون من الامتيازات التي توفرها الدولة، ويأخذون الإعانة المقدرة ب 75 مليون سنتيم من الصندوق الوطني للسكن، ولا يدفعون سوى 20 بالمائة فقط من ثمن الأرض المخصصة لبناء المشروع، وعند الانطلاق في المشروع لا يكملونه ولا ترى السكنات النور أبدا.
*
وقال صحراوي "لدينا عشر حالات إفلاس لمرقين عقاريين، تقدموا إلى صندوق ضمان الترقية العقارية، بعضهم يواجهون مشاكل مع العدالة بسبب عدم التزامهم بإتمام المشاريع، وبعضهم تلقوا إعذارا من طرف الصندوق بضرورة تسوية وضعيتهم، وبعضهم لديهم عقودا مع المواطنين لم يستطيعوا الالتزام بها، وفي نفس الوقت لا يملكون شهادة الضمان ولا عقد الضمان من الصندوق، ومن ثَم يبقى هؤلاء عالقين مع زبائنهم، في غالب الأحيان تنتهي مثل هذه الحالات في العدالة، لأن المواطنين يلجؤون إلى رفع دعاوى قضائية للمطالبة باسترجاع أموالهم.
*
وقال صحراوي إن "بعض المرقين يستخدمون الانخراط في الصندوق للتحايل على المواطنين لإيهامهم بأنهم مصرحين وأن مشاريعهم السكنية مؤمّنة لدى صندوق ضمان الترقية العقارية، وأن أموالهم لن تضيع لأن الصندوق سيتكفل بإعادتها لهم أو بإكمال السكنات لهم في حال عدم التزام المرقي العقاري، غير أن الحقيقة تؤكد أن حيازة المرقي العقاري على بطاقة الانخراط في الصندوق لا تعني أنه مصرّح لدى الصندوق بل يجب أن يكون لديه عقد التأمين"، علما أن الصندوق الوطني لضمان الترقية العقارية يقوم بضمان كل مشاريع السكن التي يتكفل بها المرقون العقاريون بما في ذلك مشاريع السكن التساهمي التي يتحصلون على صفقات لبنائها في إطار المناقصات الوطنية.
*
وقال رئيس الصندوق إن من أهم المشاكل التي يعاني منها المرقون العقاريون هي عدم تمكنهم منذ 2008 إلى يومنا هذا من شراء الأوعية العقارية لبناء المشاريع السكنية بسبب عدم صدور النصوص التطبيقية للمرسوم الذي أصدره الوزير الأول أحمد أويحيى السنة الماضية، والذي يمنع مديرية أملاك الدولة من بيع أراضي الدولة للخواص، وينص على أن أراضي الدولة لا تباع للخواص وإنما يتم منحها للخواص عن طريق صيغة التنازل، ومن خلالها يسمح للخواص باستغلالها وبناء السكنات عليها أو إعادة بيعها أو استثمارها، ولكنها تبقى دائما مملوكة للدولة.
*
وقال صحراوي إن كل مشاريع السكن الترقوي التي كانت مبرمجة منذ سنة 2008 متوقفة أو عالقة بسبب عدم صدور النصوص التطبيقية لهذا القانون، حتى المشاريع الاستثمارية متوقفة كذلك لأنها مرتبطة كذلك بالحصول على الأوعية العقارية.
*
كما أكد المتحدث أن المرقين العقاريين يطالبون بهيئة تضمن لهم أموالهم وتمكنهم من استرجاع أموالهم من المواطنين الذين يتهربون من دفع الأقساط المستحقة عليهم، لأن صندوق ضمان الترقية العقارية الحالي هو ضمان للمشتري وليس للمرقي، في حين أن المرقين بحاجة لهيئة تضمن مستحقات المرقين التي لم يتمكنوا من استرجاعها من المواطنين المتهربين، الذين يضطر المرقّون لمطاردتهم لعدة سنوات".
*
*
2 مليون مسكن من الحظيرة الوطنية تجاوز عمرها 40 سنة
*
سكنات "f 1" وf 2" تشكل 32.8 بالمائة من الحظيرة الوطنية للسكن
*
*
توقع ناصر جامة المدير العام للصندوق الوطني للسكن أن ترتفع إعانات الدولة في مجال السكن من 136مليار دينار سنة 2008 إلى 147,3 مليار دينار سنة 2009.
*
وقال جامة أن حجم إعانات الدولة في مجال السكن بلغ 880,78 مليار دينار كإعانات خلال الفترة الممتدة من 1999 إلى غاية 2008، وجهت لتمويل 1,5 مليون سكن، وقال بأن ميزانية هذه الإعانات ارتفعت من 57 مليار دينار سنة 2002 إلى 98 مليار دينار سنة 2005، ثم إلى 136 مليار دينار سنة 2008.
*
وأوضح مدير الصندوق الوطني للسكن في حوار نشر في العدد الأخير من "مجلة السكن" الصادرة عن وزارة السكن أن الإعانات الموجهة إلى تمويل السكنات الاجتماعية التساهمية تمثل 45 بالمائة من التمويلات الصادرة عن الصندوق الوطني للسكن، بميزانية إجمالية قدرها 62 مليار دينار سنة 2008 وحدها، وتأتي بعدها الإعانات الموجهة لتمويل السكنات الريفية التي تمثل 31 بالمائة من تمويلات الصندوق، بميزانية إجمالية قدرها 42 مليار دينار، وفي المرتبة الثالثة ميزانية تمويل السكنات الحضرية المدعمة والمتمثلة أساسا في السكنات التساهمية وسكنات إعادة الترميم والتهيئة وإجراءات ضخ المساعدات المرافقة للقروض العقارية، حيث أنها تمثل 13 بالمائة من التمويلات الإجمالية الممنوحة من طرف الصندوق، بميزانية قدرها 18 مليار دينار، وفي المرتبة الرابعة البيع الإيجاري بنسبة 9 بالمائة من التمويلات الإجمالية بميزانية قدرها 13 مليار دينار.
*
علما أن الإعانات الممنوحة من طرف الصندوق الوطني في إطار السكنات الريفية تم رفعها من 50 إلى 70 مليون سنتيم سنة 2008، يتم دفعها للمواطن على ثلاث مراحل، حسب تقدم أشغال ورشة السكن.
*
وتشير الحصائل المسجلة منذ 2003 إلى أن هذه الإعانات الممنوحة من طرف الصندوق لتمويل صيغة السكن الريفي بلغت 150 مليار دينار، استفاد منها 577 ألف مواطن يقطنون في الريف.
*
الصندوق دفع كذلك 101 ألف إعانة فردية مباشرة للمتضررين من زلزال 21 ماي 2003، زائد 150 ألف إعانة وجهت للسكنات الجماعية، وقد تجاوزت ميزانية كل هذه الإعانات 54 مليار دينار على مستوى الولايات الثلاث المتضررة من زلزال بومرداس، تيزي وزو والجزائر العاصمة.
*
كما منح الصندوق مؤخرا إعانات للمتضررين من رداءة الأحوال الجوية خلال الثلاثي الرابع من سنة 2008 من خلال دفع تكاليف الإيجار لإسكان المتضررين في انتظار ترميم وصيانة سكناتهم، لاسيما بولاية غرداية، بشار، البيض. وبلغت ميزانية هذه الإعانات 1,45 مليار دينار، حيث استفاد حوالي 13 ألف و600 مواطن من إعانة لإعادة ترميم سكناتهم، كما استفاد 3000 مواطن من مبالغ مالية لدفع ثمن الإيجار في انتظار إعادة إسكانهم.
*
وبخصوص الحظيرة الوطنية للسكن صرح منير خالد براح المدير العام للديوان الوطني للإحصائيات في حوار لمجلة السكن أن الحظيرة الوطنية للسكن تقدر ب 6 ملايين و589 ألف سكن، منها 5 ملايين و 268 ألف سكن مأهول، و 404 آلاف سكن ثانوي أو متفرع، و871 ألف سكن شاغر و46 ألف سكن وظيفي. كما كشفت إحصائيات الديوان الوطني للإحصائيات أن "أف 3" و"أف 4" تمثلان 54,9 بالمائة من الحظيرة الوطنية للسكن، "أف 1" و"أف 2" تمثلان 32,8 بالمائة، أي ثلث الحظيرة الوطنية، سكنات "أف 5" فما أكثر تمثل 12 بالمائة من الحظيرة الوطنية للسكن.
*
وقد ارتفع عدد السكنات المأهولة من 4 مليون و81 ألف و228 سكن مأهول سنة 1998 إلى 5 ملايين و 268 ألف سكن مأهول سنة 2008، أي بنسبة زيادة سنوية تقدر ب 2,6 بالمائة.
*
السكنات الفردية تمثل 58,7 بالمائة من الحظيرة الوطنية، فيما تمثل العمارات السكنية19,1 بالمائة، في حين تمثل السكنات التقليدية 14,4 بالمائة من الحظيرة الوطنية. كما أن 28 بالمائة من الحظيرة العمرانية الوطنية أي 2 مليون سكن تجاوز عمرها 40 سنة.
*
كما كشف مدير الديوان أن الإحصائيات بينت أن87 بالمائة من الحظيرة الوطنية تابعة للخواص في حين لا تسيّر دواوين الترقية والتسيير العقاري سوى 12 بالمائة من الحظيرة الوطنية للسكن، أي ما يعادل 850 ألف سكن.
*
*
البيع على التصاميم فخخ العلاقات بينهما
*
قطيعة ومقاطعة بين الوكالات العقارية والمرقين العقاريين
*
*
أرجع نائب الرئيس المكلف بالاتصال بفيدرالية الوكالات العقارية، عويدات عبد الحكيم، التجاوزات التي يرتكبها المرقون العقاريون في حق المواطنين، إلى جهل المستفيدين من سكنات البيع على التصاميم للقانون، الذي يتيح لهم الحصول على عقد حجز لدى الموثق، في انتظار الحصول على العقد النهائي.
*
ويؤكد عويدات بأن البيع على التصاميم، نشاط مسموح به قانونا، لأنه يخضع إلى جملة من الإجراءات، ينبغي على كل من يقصد المرقين العقاريين أن يكون على علم جيد بها، بما يحميه من الوقوع في تلاعبات بعض المرقين، الذين يستغلون عدم معرفة المواطن البسيط للإجراءات الجديدة في قطاع السكن، مما يجعله يضيّع الملايين دون أن يتمكن من استردادها، "لأن القانون لا يحمي المغفلين".
*
وفي تقدير المصدر ذاته، فإن السبب الرئيسي الذي جعل المرقين يرفضون التعامل مع الوكالات العقارية، ويلجأون إلى نشر إعلانات عبر الصحف، للترويج لمشاريعهم السكنية، هو مساهمة الوكالات في إطلاع زبائن المرقين على حقوقهم، وعلى الإطار القانوني الذي ينظم عملية البيع على التصاميم، في مقدمتها أن يقوم المرقي بتسجيل مشروعه ضمن مبلغ الضمان وأن يكون مؤمنا، على اعتبار أن هناك الكثير من المرقين الذين يتهربون من أتباع الإجراءات القانونية، بدليل وجود العشرات من المواطنين الذين دفعوا تسبيقات منذ بضعة سنوات، دون أن يتم الشروع حتى في حفر الأساسات إلى غاية الآن.
*
وقد تعرض المرقون العقاريون إلى نفس الأزمة التي عاشتها الكثير من البلدان المتقدمة، بسبب ارتفاع سعر العقار، وهو ما جعلهم يواجهون بعض الصعوبات في الترويج لمشاريعهم السكنية، بسبب الالتهاب الجنوني للأسعار العقار، وكذا لجوئهم إلى رفع الأسعار، رغم أن البيع على التصاميم يعد أقل تكلفة بكثير من البناء الجاهز، مما دفع ببعضهم مؤخرا إلى تفضيل التعامل مع الوكالات العقارية، التي تملك سجلات تجارية تتيح لها التعامل مع المرقين العقاريين، الذين عملوا لوقت طويل في ظروف غير واضحة.
*
ويشتكي أصحاب الوكالات العقارية من سوء العلاقة التي ما تزال قائمة بينهم وبين المرقين، رغم تعزز قطاع السكن بترسانة قانونية، ساهمت بشكل فعال في إعادة الأمور إلى نصابها، بعد فترة من فوضى العقار التي عاشتها البلاد خلال العشرية السوداء، وهم يعتبرون أنفسهم العدو اللدود للمرقين، بسبب الدور التوعوي الذي يقومون به، اتجاه المواطنين، لأن صاحب الوكالة قبل أن يتم عملية البيع يعلم الزبون بما له وما عليه، في حين أن العديد من المرقين يتعمدون إبقاء الأمور غامضة، بدليل عدد التجاوزات التي تم تسجيلها في هذا المجال، حيث كثيرا ما وجد مواطنون أنفسهم اشتروا شققا سبق وأن تم بيعها لأشخاص آخرين، كما اختفى مرقون في ظروف غامضة بعد أن جمعوا أمولا طائلة من زبائن همهم الوحيد الحصول على بيت، مهما كانت السبل.
*
*
أكثر من 80 قضية سقط مواطنون ضحية لها
*
وكالات عقارية وهمية تبيع النصب والإحتيال باسم إسكان الجزائريين
*
*
عالجت مصالح الأمن خلال الفترة الممتدة من سنة 2008 إلى الثلاثي الأول من السنة الجارية، أكثر من 80 قضية تتعلق بالنصب والاحتيال تحت غطاء وكالات عقارية وهمية تقوم بجمع الأموال من المواطنين للاستفادة من سكن في إطار صيغة السكنات التساهمية، ويتابع هؤلاء بتهمة تكوين جمعية أشرار، النصب والاحتيال، التزوير واستعمال المزور، وأوقفت في هذا الصدد أكثر من 120 متورطا توبعوا بتهمة انتحال وظيفة وشخصية منهم عون أمن انتحل صفة إطار سامي بوكالة "عدل" تم توقيفه من طرف فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الولائية للدرك الوطني بالعاصمة.
*
وأشارت التحقيقات في هذه القضايا إلى أن المتورطين ينتقون الضحايا الذين يكونون بحاجة ماسة إلى السكن ولا يملكون قيمة الأقساط التي يلزمون بتسديدها في مرحلة أولى في مشاريع السكنات التساهمية، ليتدخل أصحاب هذه الوكالات العقارية الوهمية غالبا للوساطة لهم.
*
ولا تختلف الوسائل التي يعتمدها هؤلاء الذين ينشطون تحت لواء وكالات عقارية أغلبها وهمية بإقناع الضحايا بإيداع ملفاتهم مقابل دفع مبالغ مالية تصل أحيانا إلى 250 ألف دج كتسبيق للحصول على سكنات تساهمية وذلك في إطار نشاط الوكالة العقارية الوهمية، ويودع الضحية بعدها مبلغا إضافيا مقابل إتمام أشغال إنجاز هذه السكنات، ويتم غالبا انتقاء هذه الصيغة نظرا لمدة إنجازها التي تتيح لأصحابها النصب والاحتيال وعدم الكشف عن جرائمهم في حال تسليم الشقة في الحين.
*
وتفيد القضايا التي عالجتها مصالح الأمن في هذا الإطار، أن أصحاب الوكالات العقارية الوهمية كانوا يعمدون إلى نقل ضحاياهم إلى مشاريع في طور الإنجاز على أساس أنها تابعة لهم وهي في الواقع مملوكة لغيرهم، قبل انكشاف الأمر بعد طول المدة وإلحاح الضحايا على استلام سكناتهم أو استرجاع أموالهم، ويواجه هؤلاء إشكالا في تعويضهم من طرف العدالة على خلفية أنه لا توجد إثباتات على دفع أموال في غياب وصل استلام المبلغ المالي.
*
وكانت مصالح الأمن التي أشرفت على التحقيق في الاعتداءين الانتحاريين الذين هزا المجلس الدستوري ببن عكنون ومقر المفوضية الأممية بحيدرة، قد أوقفت صاحب وكالة عقارية كانت غطاء لتبييض عائدات العمليات الإرهابية خاصة عمليات الاختطاف، وكانت تقوم باستثمار هذه الأموال في شراء عقارات منها محلات تجارية وتقوم بصفقات بيع وشراء العقار.
*
وكانت مصالح الأمن قد وجهت تحذيرات للمواطنين في ظل ارتفاع هذا النوع من القضايا والاستيلاء على مبالغ مالية معتبرة تحت غطاء هذه الوكالات الوهمية التي تستغل الحاجة للسكن للتلاعب بمدخرات وأحلام المواطنين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.