غذت "الخرجات" المتكررة لوزير الطاقة والمناجم الأسبق، شكيب خليل، إعلاميا وميدانيا، والشهادات التي قيلت في شخصه من قبل مسؤولين سامين في الدولة، التساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يلعبه الرجل في المشهد السياسي لاحقا. ومنذ عودته من منفاه الاختياري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لم يترك وزير الطاقة الأسبق، أي مناسبة كي يعود إلى الواجهة، وكانت البداية بزياراته الميدانية إلى عدد من الزوايا، نال خلالها المديح والإطراء من قبل رموزها هذه المؤسسات الدينية، التي لعبت ولا تزال أدوارا سياسية بارزة خلال حقبة الرئيس بوتفليقة. شكيب خليل ومنذ أن عاد من أمريكا، لم يحمل عناء الدفاع عن نفسه لوحده، بل وجد من السياسيين البارزين، رسميين وغير رسميين، من انبرى لتبرئته، والإشارة هنا إلى وزير الأشغال العمومية الأسبق، عمار غول، غير أن أبرز ما سجل على هذا الصعيد، هي الشهادة التي قالها في حقه، الوزير الأول والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، والتي برأه فيها من التهم التي نسبت إليها. وموازاة مع ذلك، لقي شكيب ترحابا من قبل بعض المؤسسات الإعلامية القريبة من محيط السلطة، وقد شكلت هذه المؤسسات محطة هامة مكنته من الدفاع عن نفسه، وإبراء ذمته من التهم التي نسبت له عندما كان وزيرا للطاقة والمناجم، بل وتقديم رؤيته إخراج البلاد من أزمتها الخانقة، وكانت آخر محطة له، نزوله نهاية الأسبوع ضيفا على إحدى المحطات التلفزيونية الخاصة. "خرجات" شكيب خليل الأخيرة، ميزتها رؤيتين بارزتين، الأولى هي انتقاده لبعض سياسات الحكومة الحالية، لا سيما ما تعلق بالتمويل غير التقليدي الذي استنجدت به الحكومة لتجاوز معضلة انهيار أسعار النفط، وثانيها التوجه العام للسياسة الاستثمارية، التي يعتبرها رهينة وتابعة للهيمنة الفرنسية، رغم انتهازية الموقف الفرنسي، برأيه، في التعامل مع الجزائر مقارنة ببعض شركائها في المنطقة المغاربية. وفي هذا السياق، يدعو شكيب إلى التحرر من أية هيمنة خارجية على الصعيد الاقتصادي، وهو موقف قرأه البعض على أنه محاولة لتقديم نفسه بديلا منافسا ل "اللوبي الفرنسي"، الذي يعرقل تغلغل نفوذ بعض المنافسة، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي وعلى الرغم من مساعيها من أجل تموقع أفضل، إلا أنها لا تزال تواجه صدودا من قبل أطراف نافذة محسوبة على المستعمرة السابقة. هذه المقاربات دفعت بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأن شكيب يستهدف تمثيل أحد أجنحة السلطة التي تبحث عن توسيع قاعدة القبول لدى عواصم عالمية كبرى، يمكن الرهان عليها لإحداث التوازن عندما يحين وقت بلورة موقف يمكن الاستئناس به في الاستحقاق الرئاسي المقبل. ما يعزز هذه القراءة، هي أن شكيب ومنذ عودته من أمريكا، رُشح لتولي العديد من المناصب السامية في الدولة، كانت آخرها منصب مدير الديوان برئاسة الجمهورية، الذي يوجد شاغرا منذ أوت الماضي، بعد تكليف أويحيى بحقيبة الوزارة الأولى، غير أن سيئا من ذلك لم يحدث.. فهل يبحث شكيب عن مسؤولية أسمى؟