- الحاجة حسنية «مولات الرباب» تسرد قصتها مع المداحات. عادت فرق المداحات بقوة إلى الواجهة في أعراس الوهرانيين وحفلات الختان وأفراحهم المختلفة، عكس السنوات الماضية عندما كان «الدي جي» هو سيد الاحتفالات دون منازع. والسبب في ذلك يدخل في إطار» النوستالجيا «، بمعنى الحنين إلى أعراس الزمن الجميل،ورغبة في استرجاع نكهة العرس الوهراني الذي كانت تطبعه المداحات ،و هو ما جعل الطلب يكثر بقوة عليها بالرغم من أن فرق المداحات الحالية تعد على رؤوس الأصابع لأسباب عديدة من بينها مقاطعة بعضهن للمهنة و وفاة أخريات، ما جعل 5 فرق بالكاد أو 6 تبقى تنشط بوهران على غرار فرقة الشيخة وردة،فرقة الحاجة خديجة ميشلي التي تبقى تعتمد بكثرة أسلوب الفقيرات والمديح الديني بكثرة، إلى جانب الشيخة «حسنية «، والشيخة حجلة، ويقال « الشيخة « لأنها قائدة الفرقة التي تتولى الغناء . ومن أجل التعرف أكثر على أسرار عالم المدّاحات،لم نفوت فرصة التواجد في أحد الأعراس بقاعة حفلات متواجدة بحي كاسطور ،خصوصا عندما علمنا أن الحفل ستُحييه فرقة مداحات، وهناك تقربنا من والدة العروس التي كشفت بأن ابنتها هي من طلبت إحياء فرحها بالمداحات ، وقد طلبت منها الفرقة مبلغا ماليا يفوق ال 50 ألف دينار، إلى جانب أخذ المبالغ المالية التي توضع في صينية المداحات، من قبل المدعوات اللاتي يطالبن بوضع مبلغ مالي من 500 دينار فما فوق من أجل الرقص، وكشفت بأنه في موسم الأعراس يكثر الطلب على فرق المداحات، ما يجعلهن يطلبن مبالغ مالية خيالية، وبالرغم من كل هذا تقوم والدة العروس بأن إحياء الأعراس بالمداحات له نكهة مميزة. و خلال تواجدنا في حفل الزفاف تقربنا من إحدى عضوات الفرقة المدعوة الحاجة حسنية التي تقوم بالعزف على آلة الرباب، والتي تعتبر من أهم آلات العزف التي تعتمدها فرقة المداحات، و كشفت الشيخة «حسنية»،بأن فرقة المداحات تبقى مطلوبة بكثرة في أعراس وهران وحتى بالولايات الغربية و ولايات أخرى من الوطن على غرار الولايات الوسطى مثل العاصمة وغيرها، ما جعل برامجنا -تقول ذات المتحدثة -مكثفة للغاية، حيث عادت أغلب الأعراس للمدّاحات لما لها من طابع أصيل ، وحسبها الرجوع للأصل فضيلة كون المداحات من طابع وهران ومن تراثها العريق منذ القدم . وعن الأغاني التي تؤديها المجموعة النسوية لفرقة المداحات ، كشفت الحاجة حسنية بأن أغلبها تكون في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، إضافة إلى قصائد عن أضرحة وأعلام الولاية مثل سيدي الهواري بوهران وسيدي بلقاسم بمستغانم و سيدي بومدين بتلمسان وغيرها ، وبعدها تقوم والدة العريس أو العروس بافتتاح الحلقة من خلال الرقص مقابل مبلغ مالي و نقوم بآداء قصيدة حولها و عائلتها والفرح ، مع ذكر أسماء أهل العروس أو العريس ومن ثمّ يقدمن قصائد بطلب من المدعوات، اللائي يقمن بوضع مبلغ مالي في صينية أو صندوق المداحات ، و عن الآلات المستعملة فيتم اعتماد آلة البندير والشكشاكة و الطبيلة و الرباب. وبخصوص الغناء الذي تعتمده فرقة المداحات ، فكشفت الحاجة حسنية بأن سر المداحات يكمن في القصائد القديمة التي تبقى تتوارثها الأجيال ، مبرزة أن أول مداحة بوهران كانت تدعى الشيخة « السبساحية «، التي أدت قصائد سيدي الهواري و مول المايدة في إشارة لضريح سيدي عبد القادر المتواجد في أعالي جبل مرجاجو ، كما أن القصائد التي تؤديها المداحات مستوحاة من اللغة العامية ، و تحاكي الواقع و الحياة الاجتماعية .