جامعة فرحات عباس بسطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع في مجال قياس الجرعات الإشعاعية    تنظيم الطبعة الرابعة لصالون الصيدلة "ألفارما" من 26 إلى 28 يونيو بعنابة    سجلنا استجابة 55585 تاجرا لنظام المداومة    غزة : استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة العشرات    كرة القدم/ الجزائر-السويد (ودي): "الخضر" يحطون الرحال بستوكهولم    عملية جمع جلود الأضاحي لسنة 2025 تشهد تقدما ملموسا    حث على تعزيز أداء الخدمة العمومية عبر كامل التراب الوطني    هلاك 9 أشخاص في حوادث المرور    وزير الثقافة زهيرَ بللُّو يهنئ الفنانين في يومهم الوطني    الفريق أول شنقريحة يترأس مراسم حفل تقديم التهاني    الصحفي عبد الرحمن مخلف في ذمة الله    نموذج توزيع المساعدات في غزة    مادلين.. صرخة مدوية لكسر الحصار    حيداوي يستقبل مفوضة حماية الطفولة    إيمان خليف تغيب عن بطولة العالم للملاكمة    متابعة 50 مشروعا كبيرا لضمان نجاعة الإنفاق    رسمياً.. حل ديوان رياض الفتح    المجلس الشعبي الوطني من بين المؤسّسين    فيديو يطيح بلصّين    سير حسن لبرنامج التزويد بالمياه    بن جامع يدعو لإسقاط درع الحصانة عن الكيان الصهيوني    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    أعياد ودماء وخبز    شان-2024/المنتخب الجزائري للمحليين-رواندا: "سأفصل في القائمة الموسعة بعد المباراة"    الدعوة إلى توحيد الصف لمواجهة التحديات والفتن    هذه كيفيات إصدار الصكوك السيادية وأنواعها    قافلة الصمود تنطلق من الجزائر لكسر الحصار عن القطاع    شخصيات سياسية تدعو روتايو إلى الاستقالة    جاهزون لإتمام الموسم الثاني ومباشرة رحلات العودة    بحث سبل توفير الغذاء المناسب لمرضى "السيلياك"    65 اعتداء على شبكات الطاقة بعلي منجلي    التجار يلتزمون بخدمة المواطنين    اتفاقية إطار بين جامعة وهران وديوان التطهير    وزير السكن يشيد بجهود عمال وإطارات "جيست إيمو"    نسمات ريح الجنوب تهبّ على باريس    حين يصدح اللون بالفن والأصالة    جوهر أمحيس أوكسال .. رحيل معلّمة الأجيال    فتح مدرسة عليا للأساتذة بتلمسان الدخول المقبل    بيع رودريغو وإفساح المجال لموهبة الأرجنتين    هدفنا تكوين قاعدة متينة لبعث كرة السلة الوهرانية    تحيين 13 ألف بطاقة شفاء عن بعد بقسنطينة    المغير: لمياء بريك كاتبة تتطلع إلى الارتقاء بأدب الطفل    /ودي/السويد-الجزائر: "الخضر" يتوجهون إلى ستوكهولم    الذكاء الاصطناعي يرفع انبعاثات الكربون واستهلاك الطاقة    النعامة : إطلاق أولى التجارب لاستزراع سمك البلطي الأحمر بأحواض السقي الكبرى    غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا الابادة الصهيونية إلى 54880 شهيدا و126227 مصابا    ترتيبات محكمة لمغادرة الحجاج الجزائريين لمكة بعد أداء المناسك    حجاج بيت الله الحرام يبدأون في رمي جمرة العقبة الكبرى وسط إجراءات تنظيمية محكمة    تشييع جثمان المجاهد المرحوم مصطفى بودينة بمقبرة العالية    "وهران : اختتام الطبعة ال11 لمهرجان "القراءة في احتفال    تأكيد على تعزيز سبل التعاون الثنائي وتطويره في قطاع الطاقة    الخضر يبحثون عن التأكيد    بن طالب: الجزائريون يستحقون نتائج كبيرة وهدفنا المونديال    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب يطلق حرب التجارة العالمية
نشر في الحياة العربية يوم 08 - 04 - 2025

تبوأت الولايات المتحدة الأميركية مكانتها كقائد للنظام العالمي أحادي القطب منذ أكثر من ثلاثة عقود، نظراً لأنها كانت تقود أولاً المعسكر الغربي الرأسمالي خلال عقود الحرب الباردة، ثم استناداً الى قوتها العسكرية التي تعد أكبر قوة في العالم، تليها روسيا والصين، وثانياً لكونها تملك أكبر اقتصاد في العالم، بناتج محلي إجمالي يتجاوز الثلاثين تريليون دولار سنوياً.
والحقيقة أن العالم كان خلال الحرب الباردة، قد اعتاد على حالة التوازن بين المعسكرين، ليس لسبب انتصارهما معاً، نقصد الاتحاد السوفياتي الذي كانت نواته روسيا، والولايات المتحدة، على دولتي المحور، ألمانيا واليابان، في الحرب العالمية الثانية وحسب، بل لامتلاكهما القنابل النووية، ثم دخولهما في سباق تسلح وصل ذروته في عقد الثمانينيات من القرن الماضي بحرب النجوم، حالة التوازن تلك أجبرت المعسكرين على تجنب الدخول في حرب عالمية ثالثة، ومن ثم اللجوء الى المنظمات الدولية لحل الخلافات والصراعات بينهما، إن كانت تلك المنضوية ضمن اطار الأمم المتحدة، أو أية منظمات أخرى من مثل منظمة التجارة العالمية.
واذا كان العالم شهد في ظل الحرب الباردة حروبا موضعية ساخنة، أي اقليمية، كانت تجري ضمن لعبة الشطرنج السياسي بين المعسكرين الدوليين، اللذين كانا أيضا يتقابلان في اطار حلفي الناتو ( حلف شمال الأطلسي) ووارسو، حيث كان كل طرف يدعم عسكريا وسياسيا أحد طرفي أية حرب تقع في أي مكان من العالم، الذي شهد بذلك، أي خلال الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وانتهاء الحرب الباردة، أو ما بين عامي 1945_1990، صراعاً على النفوذ العالمي، حيث تم تقسيم العالم بين المعسكرين، لكن كل ذلك تغير مع انتهاء الحرب الباردة، وذلك بعد اندلاع احتجاجات عمال السفن البحرية في بولندا، بقيادة ليخ فاوينسا، والتي انتهت بسقوط نظام ياروزيلسكي الشيوعي، فيما تبعته الأنظمة الشيوعية في شرق أوروبا، وصولاً الى تفكك الاتحاد السوفياتي، لكن العالم بعد ذلك، أي في حقبة النظام أحادي القطب، تخلص من الحرب الباردة، وشيئاً فشيئاً جاورت القوة الاقتصادية القوة العسكرية، بحيث صارت دول مثل اليابان والمانيا رغم كونهما دولتين مفروضاً عليهما عدم التسلح، تعدان قوتين لهما مكانة دولية، رغم كونهما أيضا ليستا عضوين دائمين في مجلس الأمن.
وكان درساً للعالم بأسره، أن يتفكك الاتحاد السوفياتي بسبب البيروقراطية، وبسبب ضعف الاقتصاد الذي نجم عن اعتماد النظام الاشتراكي وعن سباق التسلح، وتقديم المساعدات لدول العالم الثالث، لهذا صارت دول العالم تهتم بالتنمية الاقتصادية، وما هي الا بضع سنين حتى كانت تظهر الى العالم ما سميت «بنمور آسيا» وبعد ألمانيا واليابان ظهرت كوريا الجنوبية، كقوة اقتصادية، عرفها العالم من خلال ما تصدره من سلع كهربائية، ثم ظهرت الصين والهند والبرازيل، كدول تصنف اليوم ضمن أقوى عشر اقتصاديات في العالم، حيث لم تعد الدول الغنية تقتصر على دول الغرب الأوروبي والأميركي، أي الولايات المتحدة، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، كندا وايطاليا، بل شملت أيضا كلا من الصين واليابان، كوريا الجنوبية، الهند والبرازيل.
وما أن مرت ثلاثة عقود على انتهاء الحرب الباردة، حتى كانت دول العالم، تشعر بأن النظام العالمي أحادي القطب لم يعد مناسباً لإدارة شؤون العالم، خاصة بعد ما أظهرته أميركا من انحياز لمصالحها أولاً، ولشركائها وحلفائها الغربيين ثانياً، وكأنها ما زالت تقود نصف العالم فقط، كما كان حالها في الحرب الباردة، وكما مثلت روسيا السوفيتية قطبا دوليا استنادا لقوتها العسكرية، باتت دول أخرى في مقدمتها الصين تشكل ندا أو منافساً اقتصادياً للولايات المتحدة، بعد أن كانت الأخيرة تفرض نظامها الاقتصادي، بما في ذلك عملتها المحلية «الدولار الأميركي» كعملة تداول عالمية.
الولايات المتحدة، أدركت وبعد أكثر من عقدين من الزمان انشغلت خلالهما في حروب اقليمية خاضتها، إن كان في شرق أوروبا في مواجهة الصرب، أو في الشرق الأوسط، أدركت أميركا بأنها قد فقدت مكانتها كقطب عالمي وحيد، أو أنها على الأقل باتت أمام منافسين أو أنداد أو حتى أقطاب، يمتلكون القوة العسكرية المنافسة، والقوة الاقتصادية، لذلك بدأت تفكر جدياً في كيفية اعادة الأمور الى ما كانت عليه سابقاً، وهنا وقع خلاف داخلي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لجهة أي المنافسين تقوم الولايات المتحدة، بتحطيمه أولاً، الصين التي تمثل المنافس الاقتصادي بناتج محلي اجمالي يقترب من 20 تريليون دولار سنوياً، مقابل أكثر من 30 تريليون دولار ناتج اجمالي محلي اميركي، أم روسيا بقوة عسكرية، يتقدمها السلاح النووي بنحو سبعة آلاف قنبلة نووية، مقابل نفس العدد تقريبا مما تمتلكه الولايات المتحدة من القنابل النووية ؟
وبعد معالجات عسكرية أو سلمية جرت خلال ولايات بيل كلينتون، جورج بوش الابن، وباراك أوباما، كانت ولايتا دونالد ترامب وجو بايدن، تتمحوران حول مواجهة الصين كمنافس اقتصادي، وروسيا كمنافس سياسي/عسكري، وبعد أن تورط بايدن في الحرب الروسية الأوكرانية، جاء ترامب ليغلق بوابة تلك الحرب، حتى يتفرغ ويتابع ما كان قد بدأه من حرب تجارية مع الصين في ولايته الأولى ما بين عامي 2016_2020، حين فرض تعرفة جمركية على المستورد من بضائع الصين بنسبة 20%.
ترامب هذه المرة أعلن يوم التحرير، أي تحرير الاقتصاد الأميركي من نظام التجارة العالمية، بفرض رسوم جمركية على نحو 180 دولة، ويعود ذلك لكون الاقتصاد الأميركي متداخل مع اقتصاديات كل دول العالم عبر التبادل التجاري، وهذه ميزة للاقتصاد الأميركي، كما أن هناك ميزة أخرى تتمثل في القوة الشرائية، حيث يبلغ متوسط دخل الفرد الأميركي أقل قليلا من مئة ألف دولار سنويا، وبالمقارنة مع متوسط دخل الفرد الصيني، الذي يبلغ 13 ألف دولار، يمكن تفسير حجم الاستيراد الأميركي من الخارج الذي لا يقتصر على الصين فقط.
ما يدفع الولايات المتحدة على الدخول في حرب تجارية مع العالم بأسره تقريبا، هو عجز ميزانها التجاري الذي يتجاوز تريليون دولار وبنسبة تفوق 12%، وحيث أن ترامب التزم أمام الناخب الأميركي بتخفيض هذا العجز واعادة العظمة لأميركا، فإنه سارع لاتخاذ قراراته على المستويين الداخلي، بتكليف ايلون ماسك بمحاربة البيروقراطية الفدرالية، وعلى المستوى الخارجي، بفرض التعرفة الجمركية الجديدة، بالنسب التي أعلنها يوم الأربعاء الماضي، وذلك للحد من استيراد البضائع من الخارج، وتشجيع الصناعات المحلية البديلة.
السؤال هنا، هو هل تحركت الولايات المتحدة على هذا الصعيد متأخرة؟ ذلك أن قرارات ترامب الجمركية قوبلت بقرارات مماثلة من كل دول العالم، في المقدمة الصين ردت بفرض ضريبة جمركية بنسبة 34% على البضائع الأميركية، فيما واجهت بعض الدول السياسة الاقتصادية الأميركية الهادفة لفرض الهيمنة الاقتصادية بتشكيل كتل اقتصادية، أهمها بتقديرنا ما أعلنته الصين مع اليابان وكوريا الجنوبية وهي دول متجاورة جغرافيا وقوى عظمى اقتصاديا، من اتفاق على سياسة التدفق والتبادل المفتوح للسلع بينها، فيما تفكر دول بريكس منذ وقت في اعتماد عملاتها المحلية كبديل عن الدولار، حتى تتحرر من أحد أهم أشكال الهيمنة الاقتصادية الأميركية على العالم.
كذلك لابد من الإشارة الى أن تأثيرات قرارات ترامب لا تقتصر على رد الآخرين بفرض رسوم مماثلة على البضائع الأميركية، لأن أميركا باتت تستورد أكثر مما تصدر، وهذا ما يفسر اختلال ميزان التبادل التجاري مع الصين مثلا بقيمة تقترب من 300 مليار دولار سنويا، فقرارات ترامب تعود بالأثر السلبي على اقتصاد بلاده، خاصة في المديين المتوسط والبعيد، حين تظهر آثار ذلك في تضخم داخلي، وفي ارتفاع أثمان السلع المستوردة، لأنه ليس سهلاً أبداً إنتاج البدائل محلياً بالسرعة الكافية، كما أن إجراءات الحرب التجارية تشمل أيضا المواد الخام، التي تنتج عنها السلع المستهلكة، لذلك فإن مغامرة ترامب محفوفة بالمخاطر في أحسن أحوالها، وليست مضمونة النتائج، وربما كان يهدف الرجل للإبقاء على "شعبية" عالية، تبرر له محاولته الانقلاب على الدستور الأميركي بتعديله ليسمح له بولاية ثالثة، والأخطر هو الدفع بأميركا لحالة من الانزواء ليس خلف البحار والمحيطات وحسب، ولكن وراء حدودها أيضا، ذلك أن حرب ترامب التجارية تشمل الجيران، بالتحديد كندا والمكسيك وهما أكثر الدول مع الصين تصديرا للبضائع للولايات المتحدة.
كل ذلك يترافق مع إعلانات استعمارية لترامب تجاه قناة بنما وكندا وغرينلاند، بنفس الدافع الاقتصادي، حيث بإمكان الاقتصاد الكندي في حالة ضمه لأميركا، وما لدى غرينلاند من معادن ثمينة، وما تدره قناة بنما من دخل، أن يبقي الاقتصاد الأميركي الكسول، غير الناجم عن انتاج السلع ولعقود قادمة، سيداً على العالم.
الأيام الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.