"ضرورة رفع كفاءة الأداء الإداري وتحسين تسيير المؤسسات التربوية"    رئيس السلطة يعرض تصورا استباقيا    إحباط إدخال 26 قنطار من الكيف قادمة من المغرب    إطلاق خدمة دفع إلكتروني آمنة من الخارج نحو الجزائر    سعيود يترأس اجتماعا تنسيقيا مع مختلف القطاعات    مظاهرات 11 ديسمبر1960 بفج مزالة سابقا فرجيوة حاليا    رئيس الجمهورية يبعث برسالة تخليدا لهذه الذِّكرى المجيدة    المنتخب الوطني يفوز على منتخب العراق 2- 0    الإطاحة بشبكة إجرامية من 3 أشخاص تزور العملة الوطنية    خنشلة : توقيف 03 أشخاص قاموا بسرقة    إجماع وطني على قداسة التاريخ الجزائري ومرجعية بيان أول نوفمبر    لقاء مثمر جدا تناولنا خلاله كل القضايا الوطنية    بوعمامة يشارك في "منتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي" بطرابلس    حرص على تنويع العلاقات بين الجزائر وجمهورية كوريا    مواضيع مطابقة لريادة الأعمال كمذكرات تخرّج للطلبة    الجنوب.. مستقبل الفلاحة والصناعات التحويلية    قمة واعدة بين "الصفراء" و"الكناري"    إلغاء عقود امتياز ل 15 مشروعا لتربية المائيات بوهران    تأكيد على دور ريادة الأعمال والابتكار    موقع سكني بحاجة لثورة تنموية    يراد لغزة أن تدفع الثمن مرتين    المجتمع الدولي مطالب بالتدخل العاجل    هدفنا التتويج بكأس إفريقيا وأتطلع للمونديال    إزالة 80 توسعة عشوائية بوادي تليلات    حملة تحسيسية لتعزيز وعي المستهلك    نقاش الإشكاليات بين التاريخ والمعرفة    إصرار لدى لاعبي منتخب العراق    بين الأسطورة والهشاشة والهوية الأصلية    اغتيال ذاكرة الرحّالة إيزابيل إيبرهارت    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    فتاوى : اعتراض الأخ على خروج أخته المتزوجة دون إذنه غير معتبر    مشعل يؤكد أن نزع سلاح المقاومة بمثابة نزع للروح .. تجدد القصف على عزة وغرق آلاف خيام النازحين    مجموعة العمل المعنية بحقوق الإنسان في الصحراء الغربية..المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لوقف قمع الصحراويين بالمدن المحتلة    عبد المجيد زعلاني : حرية التعبير لا يجب أن تمس بالوحدة الوطنية    وزير الاتصال يشارك في "منتدى الحوار الاعلامي العربي الدولي" بطرابلس    الجزائر – اليونان : عقد اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي مطلع 2026    ملتقى حول قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية : تغييرات جوهرية في التعامل مع قضايا المخدرات    الطارف : إعداد برنامج متنوع لإحياء اليوم العالمي للجبال    مولودية الجزائر تُعمّق الفارق في الصدارة    مستقبل صلاح مع ليفربول على المحك    إطار جبائي للشركات والبحث في إفريقيا    بوغالي يدعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته    ملتقى علمي حول أصالة اللغة العربية ومكانتها العالمية    أول مهرجان وطني شتوي للسياحة والرياضة الجبلية    فيات الجزائر توقّع اتّفاقية شراكة    تكييف القوانين وتنظّم سوق العمل تماشيا و التحولات الاقتصادية    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المنتخب الجزائري يحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس العرب بعد فوزه على العراق    3 رؤى سينمائية للهشاشة الإنسانية    هذا برنامج مباريات الدور ال16    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    أقرها رئيس الجمهورية.. إجراء عملية القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حج إضافية    صور من الحب والإيثار بين المهاجرين والأنصار    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زاوية سي لعموري بالمسيلة.. تاريخ عريق وأثر يرسخ في الأجيال ضد النسيان
نشر في الحوار يوم 13 - 08 - 2008

تعد الزوايا و أضرحة الأولياء الصالحين من الأماكن المقدسة التي كان و لا يزال يلجأ إليها العديد من سكان القرى والقبائل للدعاء والتبرك واستطاعت هذه الزوايا اليوم أن تشذ على قائمة المنسيات، وأن تحافظ على مكانتها في عالم لم يعد يؤمن فيه الكثيرون بالغيبيات إلا أن هناك من استطاع أن يجعل منها رمزا من رموز المنطقة التي تتوفر عليها باعتبارها تاريخا يصعب محوه .
تقع مدينة سيدي عيسى بين زاويتين الأولى عند مدخلها الجنوبي والثانية عند مدخلها الشمالي، يحرسها واليان صالحان من الواجهتين، سي لعموري وسيدي عيسي، فالداخل إلى مدينة ''سيدي عيسي'' بولاية المسيلة من الجهة الشمالية تقع عينه على زاوية ''سي هواري'' المتربعة وسط الحقول ببنائها المميز الذي يجلب إليه أنظار المارة الذين يغلبهم فضولهم لاكتشاف المكان، وهذا ما يترجم توافد الزوار على هذه الزاوية تحديدا بإقبال منقطع النظير من مختلف مناطق الوطن لتوفرها على مدرسة قرآنية داخلية يحرص القيمون عليها على تحفيظ القرآن الكريم ومبادئ الإسلام للناشئة، إلى جانب احتوائها على قبر الولي الصالح ''سي لعموري'' الذي يعد رمزا من رموز المنطقة يعمد لزيارته مئات العائلات التي تزور مدينة المسيلة، هذا المكان الذي أصبح قبلة العديد من الزوار خاصة في فصل الربيع للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة التي تحيط به، زاد من جماله تلك القبة المبنية فوقه ليلمحه الداخل إلى المدينة من بعيد وتنبئه أنه ذلك هو مقام الولي الصالح سي لعموري، أما القيّم على الزاوية فهو الشيخ ''سي محمد'' الذي يجمع إلى جانب تقواه وورعه حكمة قل نظيرها وإن كان قد بلغ من العمر عتيا، إلا أن حكمته وتجربته الكبيرة في الحياة جعلته محط زيارة العديد من الناس طلبا لمشورته ونصيحته في أمور كثيرة تخص حياتهم كقضايا الزواج والعمل والسفر والدراسة وغيرها من الأمور الدنيوية، وهناك من يقصد الشيخ سي محمد طلبا للعلاج بالرقية الشرعية أو من أصابه مس من الجن ليقوم الشيخ سي محمد باستضافتهم في الزاوية لمدة معينة لتقديم العلاج لهم إلى أن يستعيدوا عافيتهم. وزاوية ''سي لعموري'' من الزوايا التي ذاع صيتها ووصل إلى حدود بعيدة حتى إلى الخارج، ويروي زوار هذه الزاوية أنهم تعودوا على المجيء إلى زاوية ''سي لعموري'' منذ صغرهم رفقة عائلتهم ولا يرون أن زيارتهم خروج عن الدين أو نوعا من البدع لأن ما يقام داخل هذه الزاوية لا يتعدى قراءة القرآن والدعاء أو طلب الرقية للشفاء من مرض ما وفي أحيان كثيرة طلب رؤية الشيخ فقط.
------------------------------------------------------------------------
الشيخ ''سي محمد'' الأب الروحي والرجل الصالح لسكان المسيلة
------------------------------------------------------------------------
تعتبر زاوية ''سي لعموري'' حالة خاصة في عالم الزوايا الجزائرية وما يميزها عن سواها ابتعادها عن الكثير من الأمور التي ألفنا سماعها في الزوايا الأخرى، ما تتميز به زاوية ''سي لعموري'' أن أغلب زوارها من المثقفين والطلبة، منهم الأطباء والأساتذة الذين يريدون التمتع والاستمتاع بتلاوة القرآن الكريم وحضور الدروس والحلقات الدينية بالإضافة إلى صحبة طيبة تجمعهم مع شيخ الزاوية ''سي محمد'' وما يجود به من معارف تشد إليها المستمعين، وكما يؤكد الكثير من زوار الزاوية الذين يعتبرون أن زيارة الزاوية والشيخ ''سي محمد'' من الفرص التي لا يجب تفويتها أبدا خاصة أولئك الذين يتعرضون إلى مشاكل اجتماعية أو صحية صعب عليهم حلها، فقد أجزموا أن تجربتهم مع الشيخ ''سي محمد'' وإتباعهم نصائحه بمثابة الحل النهائي لتلك المشكلات، لذلك يعتبر الكثير من سكان المنطقة ''سي محمد '' أبا روحيا لسكان المدينة ورجلا صالحا وجب الانتفاع من علمه وحكمته والاستفادة من ثقافته الدينية والاجتماعية.
------------------------------------------------------------------------
زاوية سيدي عيسى وقصة بوقبرين
------------------------------------------------------------------------
أما الزاوية التي تقع في بالجهة الجنوبية فاشتقت المدينة اسمها منها لتطلق عليها تسمية زاوية ''سيدي عيسى'' الولي الصالح الذي نسجت من حوله الروايات والأساطير التي تناقلها أحفاده وسكان المدينة، أهمها ما قيل عن تواجد قبرين لهذا الولي الأول في مدينة سيدي عيسى بالمسيلة والثاني بولاية تيارت وسمي لذلك هذا الولي ب''سيدي عيسى بوقبرين'' ويروي السكان أن قبيلتين اختلفتا بعد موته في أحقية كل منهما في دفنه في أرضها وبعد جدال قوى بينهما تفاجأ الجميع بوجود جثتين في مكان واحد فأخذت كل قبيلة جثة وتم دفنه في مكانين مختلفين، كما نسجت حوله هذه الرواية، ظهرت حكايات كثيرة غريبة أخرى عن حقيقته.ويصر سكان المدينة على إقامة طقوس الوعدات داخل الزاوية وكل قبيلة تقيم وعدة عند اقتراب موعد فرح ما فتلجأ إلى الزاوية كنوع من التبرك و الصدقة، أما الناجحون في مختلف الامتحانات فتقدم أمهاتهم الصدقات على أبواب الزاوية، حيث يكثر السائلون، وفي مواسم الأعياد الدينية تشهد المنطقة حركة غير عادية للمحتاجين على أبوابها، ويعتبر الكثيرون من سكان المنطقة أن الوعدة من الموروثات الشعبية التي وجب إحياؤها والمحافظة عليها ويعتقدون اعتقادا راسخا توارثوه أبا عن جد بضرورة إقامة الوعدة في وقتها المحدد حتى ولو كلفهم ذلك المال الكثير، ورغم أن مظاهر الاحتفال قلت في السنوات الأخيرة إلا أن زيارة الأضرحة والتبرك بالأولياء الصالحين ما تزال عادة قائمة رغم كل ما يقال وما يؤخذ على فاعلها إلا أن النساء والعجائز لا يزلن في مقدمة حماة هذه العادات، كما لا يزلن محافظات على زيارة الأضرحة في الجمعة والأعياد الدينية حاملات الشموع والصدقات للفقراء.
------------------------------------------------------------------------
زاوية سي لعموري نقش على جدار الذاكرة
------------------------------------------------------------------------
لا تسمح النساء والعجائز بالمنطقة للشباب بالتطاول على الزاويتين اللتين بقيتا صامدتين حتى في أحلك الظروف الأمنية التي مرت بها البلاد ولم يستطع أحد الاقتراب منها، هذا ما زاد من شدة تعلق سكان المنطقة بها، فالحديث عنها بالسوء يجلب المشاكل لصاحبه ولا يسلم من انتقادات كبار السن، وتقول الحاجة ''ريم'' إنهم اعتادوا على التبرك وزيارة زاوية ''سي لعموري'' مند عشرات السنين حيث كانت تقام الوعدات. كما أن مكانة شيخ الزاوية الكبير لم تغيرها السنون والأحداث فهو الشيخ الحكيم في نظر السكان الذي تؤخذ حكمته ويعمل بها دون نقاش. وقد تجاوز التعلق والاقتداء بها حدود المنطقة إلى أماكن بعيدة ومن ولايات مختلفة يقصدونه بحثا عن حلول لمشاكل أرهقتهم لا يريحهم من ثقلها سوى الاستماع إلى تلاوة القرآن بالزاوية وحكايات شيخها الذي لم يمنعه المرض من مواصلة مسيرته في النصح والإرشاد الذي لا يخرج أبدا عن تعاليم الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.