❊حضور مميز بمجلس الأمن واستماتة في الدفاع عن القضايا العادلة ❊ ثبات في الدفاع عن القضية الأم وشجاعة في نقل معاناة الفلسطينيين ❊المزاوجة بين المبادئ الراسخة والعمل الدبلوماسي الفعال ❊ الجزائر تستعيد مكانتها الريادية ضمن خارطة العلاقات الدولية ❊ تقوية التعاون مع الشركاء الأفارقة والعرب والدول المؤمنة بقيم السلم والأمن ❊الانفتاح على القوى الاقتصادية الناشئة على غرار منظمة "آسيان" تميزت السنة الأولى من العهدة الثانية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بتحقيق إنجازات دبلوماسية بارزة، ارتكزت على تعزيز التعاون مع شركائها الأفارقة والدول العربية وغيرها من الدول التي تحمل نغس المبادئ والثوابت الداعمة للسلم والأمن العالميين، مع مواصلة الجهود الدبلوماسية في سياق عضوية الجزائر غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، تماشيا مع مكانتها التاريخية المستلهمة من مبادئها الثابتة في سياستها الخارجية. تواصل الجزائر إعادة رسم موقعها ضمن خارطة العلاقات الدولية، ضمن رؤية استشرافية براغماتية تتساوق مع المعطيات الإقليمية، من خلال نسج شراكات مع مختلف التكتلات الاقتصادية، ولعل في احتضانها هذه الايام لمعرض التجارة البينية الافريقية دليل على البعد الاستراتيجي للدبلوماسية الاقتصادية التي يراهن عليها رئيس الجمهورية من اجل تحقيق الاندماج الافريقي بالنظر الى الدور المحوري للجزائر في القارة السمراء. موازاة مع ذلك، ترتكز نظرة الجزائر على الانفتاح على القوى الاقتصادية الناشئة، وفي مقدمتها رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) التي انضمت إليها مؤخرا، حيث يمثل ذلك أبرز إنجاز دبلوماسي لها يعزز مكانتها في القارة الآسيوية.فهذا الانضمام، يعبر عن رؤية جديدة للسياسة الاقتصادية الخارجية للجزائر، قوامها الانخراط الفعلي في التكتلات الاقتصادية الصاعدة، علما أن "آسيان" تتيح فرص أكبر للجزائر، بحكم كونها أحد أسرع مناطق النمو في العالم وواحدة من أبرز القوى التجارية الناشئة. وبالنسبة للجزائر، فإن الشراكة مع "آسيان" تعبر عن رغبة جزائرية في تنويع أوراقها الاقتصادية والدبلوماسية، واستغلال موقعها الجيوسياسي من أجل توسيع خياراتها التفاوضية والتجارية، في حين تنظر الدول المنضوية تحت هذه الرابطة إلى الجزائر كبوابة للولوج إلى السوق الأفريقية، لا سيما في ظل دخول اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ، إلى جانب نقل الخبرات الصناعية والرقمية مع تعزيز التكامل اللوجيستي بفضل الموقع الجغرافي للجزائر. يأتي ذلك في الوقت الذي برز فيه دور الجزائر الفاعل في مجلس الأمن الدولي، من خلال مرافعاتها من أجل تعزيز الديمقراطية الشفافة، العدالة الاجتماعية، ودعم الاستقرار الإقليمي والدولي، ما يعكس طموحاتها في البناء والتنمية المستدامة، فضلا عن تركيزها على قضايا ذات أولوية خاصة، من بينها الوضع في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب في افريقيا. فقد كانت السنة الجارية سنة مفصلية في مسيرة الدبلوماسية الجزائرية، حيث استغلت الجزائر عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن لتأكيد مكانتها بصفتها مدافعة عن القضايا العادلة على الصعيدين العربي والإفريقي، وفي إطار القانون الدولي، فمنذ انضمامها إلى المجلس، حرصت الجزائر على تقديم نموذج متميز لدولة تجمع بين المبادئ الراسخة والعمل الدبلوماسي الفعال. وركزت الجزائر جهودها في هذا السياق على أربعة محاور رئيسية، بناء على تعليمات رئيس الجمهورية، والتي شكلت خارطة طريق لعملها في المجلس وأول هذه المحاور كان الالتزام بأن تكون الجزائر الصوت العربي والإفريقي في المجلس، وتمثيل تطلعات الشعوب العربية والإفريقية بشكل وفعال. وأولت الجزائر اهتمامها بالقضايا التي تمس الأمن والاستقرار في المنطقتين، على غرار القضية الفلسطينية وحرصت على إبقاء هذا الملف على طاولة النقاش الأممي في كل المناسبات، وتقدمت بمشاريع قرارات تهدف إلى كبح العدوان الصهيوني على غزة، إلى جانب إعادة طرح ملف العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأممالمتحدة، كما كانت وراء جميع المبادرات الهادفة لإبقاء الضوء مسلطا على القضية الفلسطينية، دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية. كما أعربت الجزائر عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، مذكرة في هذا الصدد بتصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال خطابه الأخير أمام البرلمان بغرفتيه، والذي أكد من خلاله أن الجزائر لن تتخلى عن فلسطين وتساندها حتى إقامة دولتها وعاصمتها القدس الشريف، مضيفا أن الجزائر ستواصل من منبر مجلس الأمن معركتها لتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني، وكذا الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه. وفيما يتعلق بالدفاع عن قضية الصحراء الغربية، قدمت الجزائر مرافعات مستندة إلى مبدأ تصفية الاستعمار واحترام حق الشعوب في تقرير المصير، انطلاقا من أن أي حل لقضية الصحراء الغربية يتناقض مع مبادئ تصفية الاستعمار هو مجرد خرافة. وبخصوص القضايا الإقليمية، تبنت الجزائر مقاربة ترتكز على الحلول السلمية والمفاوضات الشاملة، حيث برز هذا النهج في أزمات ليبيا ومالي والسودان، حيث كانت الجزائر طرفا محوريا في دعم الجهود الدولية والإقليمية لإحلال الاستقرار في هذه الدول، كما دعت إلى تعزيز دور الاتحاد الإفريقي ليكون آلية أساسية في إدارة الأزمات، وهو ما تجلى في دعمها المتواصل لتقوية الصف الإفريقي داخل مجلس الأمن. أما المحور الرابع في استراتيجية الجزائر داخل المجلس، فكان العمل على تعزيز دور الأممالمتحدة وإعادة الاعتبار لقرارات الشرعية الدولية، حيث دعت الجزائر في هذا الاطار إلى إعلاء قواعد القانون الدولي، معربة عن رفضها الصريح لأي تجاوزات أو انتهاكات تهدد النظام الأممي. ولم تقتصر إنجازات الجزائر في مجلس الأمن على الدفاع عن قضاياها الإقليمية فقط، وإنما امتدت إلى الملفات الدولية الكبرى مثل مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، حيث نجحت الجزائر في تقديم نموذج يحتذى به لدولة تمتلك رؤية استراتيجية متوازنة تجمع بين الدفاع عن مصالحها الوطنية والمساهمة في تعزيز الأمن والسلم الدوليين. ومع بداية عام 2025، تولت الجزائر رئاسة مجلس الأمن، وهو تحد جديد يعكس ثقة المجتمع الدولي بقدراتها الدبلوماسية في الوقت الذي ركزت فيه الجزائر على تسليط الضوء على أبرز القضايا التي تشغل العالم العربي والقارة الإفريقية.ويعكس أداء الجزائر في مجلس الأمن التزامها العميق بمبادئها التاريخية ودورها لتكون صوتا للقضايا العادلة، نجاحها في هذا المجال يعزز من مكانتها بصفتها دولة مؤثرة قادرة على تحقيق التوازن بين متطلبات الدور الأممي ومصالحها الوطنية، ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في العالم العربي وإفريقيا.وتعد مشاركة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في مختلف المحافل الدولية دليلا على الدور الاستراتيجي للجزائر، وتأكيدا لمبادئ الجزائر الثابتة في الدفاع عن الشعوب المضطهدة وحقها في تقرير المصير، مما يرسخ تموقع الجزائر كشريك موثوق وصوت مسموع. فقد عقد مجلس الأمن تحت رئاسة الجزائر اجتماعات لمناقشة العملية السياسية والوضع الإنساني في سوريا واليمن، فضلا عن اجتماع رفيع المستوى حول مكافحة الإرهاب في افريقيا، لتسليط الضوء على تصاعد الأنشطة الإرهابية في القارة والتهديدات التي تشكلها على أمن واستقرار الدول الأفريقية. ويمكن القول أن صوت الجزائر اخترق صداه أروقة مجلس الأمن وخارجها، حيث كان أداؤها مرتكزا على تكريس الوفاء بالالتزامات وتطبيق الأجندة التي انتخبت من أجلها الجزائر لنيل عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن. كما أن الزيارات التي قام بها رئيس الجمهورية الى الخارج على غرار سلوفينيا وايطاليا تعكس الرؤية الاستراتيجية التي تعتمد عليها الدبلوماسية الجزائر في اطار تعزيز شراكاتها مع مختلف الدول في إطار مبدأ رابح رابح.