المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي: الولايات المتحدة تولي أهمية بالغة لعلاقاتها مع الجزائر    برنامج "عدل 3": أزيد من 870 ألف مكتتب يطلعون على نتائج دراسة ملفاتهم    عدة رؤساء أفارقة يجددون التأكيد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    الألعاب الإفريقية المدرسية الاولى /الجزائر-2025/ : المصارع منذر راهي يهدي أول ميدالية ذهبية للجزائر    عرقاب يستقبل الرئيس المدير العام للشركة السعودية مداد للطاقة-شمال إفريقيا    مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين الجزائر وإيطاليا    الرئاسة تعزّي وفاة ناصر طير    تطبيق صارم للمعاملة بالمثل مع فرنسا    دعوة لحلّ لجنة الصداقة المغربية الصهيونية    الاتحاد البرلماني العربي يدين القرار الصهيوني بدعم ما يسمى ب"السيادة" على الضفة الغربية المحتلة    انطلاق الجامعة الصيفية    الاحتلال الصهيوني يهاجم سفينة كسر الحصار المتجهة إلى غزة    وهران : استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    "تمويل 2025": صالون وطني جديد لتحفيز الاستثمار وتطوير الخدمات المالية في الجزائر    انطلاق مرحلة تأكيد التسجيلات الأولية لحاملي شهادة البكالوريا الجدد    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    تعزز الجهود الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية    الجزائر تشارك في قمة الأمم المتحدة لمتابعة أنظمة الغذاء بأديس أبابا    الجزائر رافعة استراتيجية لتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي القاري    نواب بريطانيون يطالبون بالاعتراف بدولة فلسطين    مشروع السكة الحديدية أم العسل – تندوف: وتيرة إنجاز متسارعة نحو تحقيق الربط المنجمي الكبير    افتتاح الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): عروض فنية جزائرية وافريقية تزين الحدث    الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): وفود افريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد في مستهل الحدث    "بريد الجزائر" تحذر من روابط وهمية تروج لمسابقات كاذبة على مواقع التواصل    يضبط أزيد من 18 كلغ من الكوكايين ويفكك شبكة إجرامية    وزارة الداخلية تدعو الأولياء إلى مراقبة أبنائهم لتفادي حوادث الغرق    تدخلاً للحماية المدنية خلال 24 ساعة: حصيلة ثقيلة لحوادث المرور والغرق    موجة حر ورعود يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من جنوب وشرق البلاد    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    الخضر يهزمون تونس    بورتس: لا مفر من تحرير فلسطين    إنفانتينو يهنّئ المولودية    وهران: إسدال الستار على مهرجان الموسيقى و الأغنية الوهرانية    هذه الشروط الجديدة للالتحاق بنخبة "الجيش"    استشهاد 1200 مسن نتيجة التجويع خلال الشهرين في غزّة    بديل السكر الشائع قد يسبب تلفا في الدماغ    حملات تحسيسية بالمساحات التجارية في البليدة    حالة تأهب ضد تسمم الأطفال بالمنظفات    سنكون سعداء بتواجد ميسي.. والأمر يعتمد عليه    تحديد موعد لقاءي "المحاربين" ضد بوتسوانا وغينيا    هذا الموعد سيكون بوابة لألعاب أنغولا وأولمبياد داكار    تعزيز آفاق التنمية وإعادة بعث القطاع الحضري    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    فنان بيروت الذي عزف للجزائر أيضًا    21 فيلما روائيا يتنافس على جوائز مهرجان البندقية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطن اقتربت من الشواطئ وحققت في كيفية قضاء موسم الاصطياف مراتع الأمراض مكتوب عليها "مسموح للسباحة"
نشر في المواطن يوم 15 - 07 - 2009

تعد السياحة في بعض الدول المصدر الوحيد لدخلها القومي فهي عامل يستقطب الملايين من الزوار من مختلف أصقاع الأرض ما يسمح الاستفادة من العديد من الامتيازات أهمها الدخل المادي فلبنان وتونس مثلا مع أن مساحتهما لا تساوي شيئا أمام مساحة الجزائر إلا أنهما دولتان تعتمدان بشكل مباشر على السياحة خاصة في فصل الصيف. ومقارنة بما تقدمه هذه الدول وغيرها التي تعنى بعامل السياحة كأهم دخل فإن الجزائر بالرغم من امتلاكها للعديد من المعالم الأثرية والشواطئ التي تطل على أماكن سياحية خلابة زيادة على مساحتها الكبيرة إلا أنها لحد الساعة لم تستطع التحكم في هذا القطاع الهام والاستراتيجي كما أن هذه الأخيرة لا تستقطب إلا نسبة ضئيلة من بين الملايين الذين يفضلون أن يقصدوا جيراننا، دون أن ننسى أيضا تفضيل الجزائريين أنفسهم قضاء عطلة الصيف خارج الديار، طبعا هذا لا يحتاج إلى طرح التساؤلات والانشغالات حول ما يجري لأننا بعد أن قمنا بهذا التحقيق حول شواطئنا اكتشفنا سر النفور من سياحتنا بعدما لامسنا وعشنا داخل ما يشبه المجاري المائية والوديان التي سميت شواطئ.بالرغم من أن وزارة السياحة لا تسجل سنويا نسبة إقبال معتبرة، إلا أنها لا تتوانى كل عام في طرح برامج وقوانين جديدة علها تتحكم وتصلح ما فسد خلال السنوات التي مضت وهذا طبعا دون جدوى، إذ أن من يدخل هذا البلد يقتصر غالبا على أهلها المغتربين الذين يجدون أنفسهم مجبرين لقضاء عطلتهم الصيفية بين الأهل في بلدهم الأم وهذا ما وجدناه ونحن في أرضية الميدان فوق شواطئ الجزائر التي ما انفك فيها ناقوس الخطر يدق دون أن يجد يوما الآذان الصاغية واليد الممدودة التي بإمكانها تغيير الوضع الكارثي الذي تعيشه بعد أن أصبحت أماكن للمزابل العمومية وتفريغ المجاري المائية بداخلها زيادة على البناءات الفوضوية التي غزت معظمها واستغلال أصحاب المال والأعمال والنفوذ للبعض الآخر. شواطئ سيدي فرج خدمات لا تليق واستغلال من طرف جهات مجهولة بدايتنا في هذا التحقيق قادتنا إلى قبلة الجزائر العاصمة التي تحتوي على فنادق ومركبات عائلية –كومبلاكس- التي تعرف نوعا من الاكتظاظ في هذا الفصل مثل شواطئ سيدي فرج وزرالدة لهذا وجدنا نوعا من النظافة لكن عامل الخدمات يبقى متدنيا حسب المواطنين الذين تحدثت معهم المواطن، فأما الشاطئ الأول - سيدي فرج- فقد شد انتباهنا في البداية استغلال أصحاب المظلات الشمسية للأماكن بحيث يتقاسمها هؤلاء الشباب فيما بينهم لتضطر أي عائلة تدخل الشاطئ إلى كراء المظلات تحت إلحاح صاحبها وهو ما قالته لنا العائلات التي تحدثنا معها مثل عائلة الحاج لخضر"نحن فعلا نستغرب من هذه الظاهرة التي تزداد حدتها يوما بعد يوم دون مراقبة من الجهات المعنية المختصة فبالرغم من أن العديد من العائلات التي ترينها هنا تحضر معها مظلاتها الشمسية إلا أنها تمنع من استعمالها من طرف هؤلاء الشباب الذين استغلوا المكان واستولوا عليه" ليضيف ابنه أسامة "لقد تعاركت العام الماضي مع أحد هؤلاء الشباب وكاد الأمر أن يصل إلى الشرطة غير أن هذا الأخير خاف وانسحب لكن يا أختي إذا بقينا على هذه الحال فإننا مضطرون إلى المشاجرة كلما نزلنا على الشاطئ". تعقيبات العائلات قوبلت بالرد من طرف مالكي المظلات الشمسية – باراسول- حيث قال هشام "يا أختي أنت تعلمين أن نصف شباب الجزائر عاطلون عن العمل ونحن من بينهم لهذا نضطر في فصل الصيف إلى لم قوتنا وقوت عائلاتنا بأنفسنا" وعند سؤالنا عما إذا كان هؤلاء يحملون ترخيصا من قبل السلطات المحلية رد النذير"السلطات المحلية لا يهمها أمرنا المهم عندها أن لا نطالب لا بالسكن ولا بتحسين الظروف المعيشية لهذا يتركوننا نعمل ما نشاء لكن هذا لا يمنع من أن البعض منا يمتلك تسريحا من البلدية باستغلال المكان وتنظيفه" وقد أجمع جميع الشباب الذي استغل الشاطئ في النهاية إلى أن هذا العمل هو الوحيد الذي يسد فراغ – الشوماج- أو البطالة خاصة في فصل الصيف فقط. كان هذا من الجهة الأولى لشاطئ سيدي فرج أما الجهة الأخرى المقسمة والتي تم عزلها عن الشاطئ الأول بواسطة سياج من خشب فقط كانت منطقة أو شاطئ فندق الرياض حيث يفاجأ أي زائر للمكان بالحبال التي حددت الشاطئ ولا تسمح إلا لعائلات الفندق بالجلوس وعندما اقتربنا من المكان أكثر فوجئنا نحن بدورنا بعامل قال لنا "ممنوع الدخول إلى هنا يا آنسة" حينها سألته عن السبب ليرد "هذا المكان يا آنسة ملك للخواص لأنه مقسم بين مالك الفندق ومستثمر من فرنسا لهذا لدينا أوامر بمنع أي غريب عن الفندق من دخول الشاطئ المخصص له والذي، كما ترين، تمت إحاطته بحبل" طبعا بعد حديث العامل لم نستطع الدخول لأننا أصبحنا في زمن الطبقية فيه وصلت إلى الشواطئ، وما شد انتباهنا أيضا هناك تواجد أعداد كبيرة من أفراد الحماية المدنية والعمال مع أن عدد الأشخاص لم يكن يتجاوز العشرين في حين أن الشاطئ الذي كنا فيه من قبل والذي لا يبعد إلا بأمتار عن الثاني لم يكن يتواجد به إلا اثنان أو ثلاث من عناصر الحماية المدنية الذين فضلوا حسب ما وقفنا عليه السباحة على أداء وظيفتهم. من جهة أخرى وفيما يخص الخدمات فإنها حسب المصطافين من العائلات جد متدنية على حد قول عائلة الأب رضا "لقد جئنا من فرنسا ولأن عائلتنا متواجدة هنا بالجزائر فإننا لا نستطيع في فصل الصيف الذهاب إلى أي بلد آخر لكننا كل عام نفاجأ أكثر بشواطئنا التي، لو تصدقيني، لا تقارن بشواطئ فرنسا" لتقاطعه زوجته سليمة "الأمر كما تعلمين ليس بنايات أو هندسة صعبة إنما قضية نظافة فقط وخدمات وهو الشيء الذي ينقص شواطئنا الجزائرية كل عام". أما ما يخص الخدمات فقد كان لعائلة خالتي عائشة رأي في الموضوع وهي القادمة من تونس مع أبنائها "لا نريد الطعن في بلدنا لكنني أتأسف فعلا. كلما دخلت إلى الجزائر خاصة في فصل الصيف لأنني بحكم عملي متواجدة بشكل دائم مع أولادي في تونس وأحيانا نذهب إلى شواطئها التي، مهما وصفتها لك فإنني فعلا لن أوفيها حقها نظرا لما توفره من شروط النظافة وحسن الاستقبال وحتى الخدمات" لتقول ابنتها مريم التي تبلغ 21 عاما "الخدمات المقدمة هنا تدعو إلى الخجل فالأطفال يبيعون المأكولات بطريقة عشوائية ودون رقابة من أحد هذا دون أن نبالغ في المطاعم والمحلات الصغيرة القريبة من الشاطئ والتي تبالغ في الأسعار دون أي جودة في الخدمات المقدمة ناهيك عن عدم نظافة بعضها " لتجمع جل العائلات على أنها سئمت من انتظار تحسين الخدمات التي وعدت بها الجهات المعنية "دون أن تطبق أي منها على أرضية الواقع". شواطئ زرالدةمركبات عائلية لا تليق وملاهي ليلية تثير غضب المصطافين ومن شواطئ سيدي فرج كانت وجهتنا شواطئ زرالدة التي تبدو فعلا دون مبالغة منا نظيفة ورائعة، غير أن المشكل الذي برز في هذه الشواطئ هو تدني خدمات المركبات العائلية و المشاكل التي تعرفها مثل مركبات شاطئ –سابل دور- حيث أسرت لنا بعض العائلات التي قامت بكرائها مثل عائلة عمي كمال "رغم أن المبالغ التي دفعناها مبالغ كبيرة ومبالغ فيها إلا أننا فوجئنا عند دخولنا المركب بحالته المرثية وجدرانه المتهرئة لا ندري فعلا لماذا لا يعتنون بها وهم يعلمون بأنه سيتم كراؤها في هذا الفصل" ليضيف عز الدين وهو شاب متزوج حديثا قرر قضاء بعض الأيام بالمركب العائلي "عندما أردت الحجز في الفندق القريب من شاطئ زرالدة وجدت كل الغرف محجوزة لهذا اضطررت لكراء شقة بالمركب العائلي لكنني بعد أن دفعت المستحقات لم أستطع التراجع بعد أن وقفت عند حالته المزرية وندمت ندامة عمري على هذا الخطأ"، لتجمع في الأخير معظم العائلات التي جست نبضها المواطن على سوء الخدمات والشقق المتواجدة بالمركبات العائلية بشواطئ زرالدة "هي فعلا وجه لا يصلح للسياحة بالجزائر". وإن كان هناك مشكل الخدمات والنظافة بالشواطئ فإن المشكل الأخطر بشواطئ زرالدة تمثل حسب العائلات في الملاهي الليلية التي زيادة على الضجيج والصخب الذي تحدثه فإنها تحمل من المشاهد الليلية ما لا يليق بمبادئ وتربية المجتمع الجزائري مثلما قاله لنا السيد مروان "تعالي يا آنسة إلى هذا المكان ليلا وسترين بأم عينيك التجاوزات التي تحدث والمناظر التي لا تليق لا بأخلاقنا ولا بديننا الحنيف" لتضيف سهام وهي طالبة جامعية قدمت إلى الشاطئ رفقة والديها "أحيانا نحب أنا وعائلتي التجول أمام شاطئ البحر أو المشي بين المركبات لكن تقابلنا مناظر لربما لم نرها في جامعاتنا من شرب وضحك بأصوات عالية وحتى بعد منتصف الليل يبدأ الرجال بالخروج من تلك الملاهي برفقة الفتيات اللاتي في بعض الأحيان لا يتعدى سنهن ال18 عاما" أما الأم وردة فقد قالت "أصبحنا لا نستطيع المشي ليلا لأننا نصادف أحيانا أشخاصا ذكورا وهم سكارى وأنتم تعلمون طبعا أن السكارى لا يتحكمون في أنفسهم". وبما أننا كنا في تحقيق فإننا قضينا ليلة بالمركبات العائلية بزرالدة ووقفنا فعلا على مشاهد لا نراها إلا في البلدان المتقدمة التي لا تملك أخلاق ودين المجتمع الجزائري، لتحملنا في الأخير العائلات رسالة إلى السلطات المعنية التي عليها فعلا التدخل لوضع حد للتجاوزات التي تزداد حدتها عام بعد عام بحجة خدمة السياحة. شواطئ برج البحري وبرج الكيفانمجاري مائية ووديان أفضل من قول كلمة شاطئ خرجنا من شواطئ زرالدة ومشاكلها واتجهنا إلى شواطئ وجدناها فعلا أكثر كارثية وفي صورة يصعب التعليق عليها وكأنها فعلا خارج الجزائر العاصمة مع أنها متواجدة ببلديات برج الكيفان وبرج البحري، إلا أن أول ما يشد الداخل إليها هي الروائح الكريهة التي ملأت المكان ومياه الشواطئ الملوثة التي بالرغم من مرور أيام قليلة عن بدء موسم الاصطياف إلا أنه سجلت بها العديد من الحالات المرضية. البداية كانت من شواطئ برج البحري في كل من شاطئ-لاسيقون- روشي بلاج- شاطئ الأمواج الصغيرة-شاطئ تامنتافوست- وغيرها من شواطئ هذه البلدية التي فعلا اندهشنا من كونها مسموحة للسباحة للوضعية الكارثية التي وجدناها فيها مما جعلنا نقصد كل اللافتات الموضوعة أمام تلك الشواطئ لعلنا نكذب أعيننا لنفاجأ بكل تلك اللافتات التي يكتب عليها "شاطئ مسموح للسباحة"، تخيل معنا فقط أيها القارئ المحترم أن كل هذه الشواطئ التي ذكرناها تصادفك عند الدخول إليها روائح كريهة تجبرك على سد الأنف وما أن تدخل الشاطئ حتى ترى أكواما من القمامات والحشائش التي يجلبها البحر والتي لم يتم التخلص منها حسب ما ذكره لنا الشباب الذين التقيناهم منذ أكثر من شهر، أما إذا تحدثنا عن داخل البحر فهي مياه ممزوجة بمخلفات المجاري المائية دون أي مبالغة منا مع أننا احترمنا القارئ ولا نجرؤ على ذكر ما رأيناه بأم أعيننا يكفي فقط أن يفهم القارئ ما معنى ما تجلبه المجاري المائية، ومع كل هذه القمامات من زجاج وقارورات ودواليب السيارات وما تحمله مياه الشاطئ إلا أننا فوجئنا بتواجد العائلات بها وحتى السابحة بداخلها والأكل أمامها مع أنها تعتبر بابا من أبواب المرض الذي ربما يؤدي إلى الموت في بعض الأحيان، غير أن هذه العائلات لا ترى بديلا لها في ظل الحرارة التي يشهدها فصل الصيف مثلما قالته لنا عائلة رشيد "لا تتعجبي يا آنسة لأن كل من يقصد هذه الشواطئ يسكن بالقرب منها لهذا لا نجد بديلا عنها لكن العيب الكبير لا يقع علينا بل على الجهات المعنية من السلطات المحلية وحتى الولائية والوزارة التي لم تتمكن من وضع حد للحالة الكارثية التي تعيشها هذه الشواطئ" ليضيف الشباب الذي أبى إلا أن يشارك في الحوار من بينهم أنيس، يوسف وعادل "لا تستغربي يا آنسة لأنك هنا في شواطئ خاصة بالعائلات البسيطة التي ربما لا تسمع بها الجهات المعنية، أنت هنا بين عائلات فقيرة ولست في شواطئ إقامة الدولة مثل –كلوب ديبا-أو –موريتي-"أما أفراد الحماية المدنية الذين رفضوا ذكر أسمائهم فقد أبدوا أنفسهم الاستغراب من سماح الجهات المعنية السباحة في مثل هذه الشواطئ، كما أسر لنا البعض منهم أنهم سجلوا العديد من حالات التسمم والقيء والمرض داخل هذه الشواطئ "سوف لن تصدقي فعلا إذا قلنا لك بأننا لم نسلم نحن أنفسنا من المرض بسبب ما نستنشقه يوميا من هذه الروائح كما أن البعض منا أصابه مرض انتفاخ العينين جراء الميكروبات المحيطة بالمكان".وقبل أن نمرض نحن هربنا من تلك الشواطئ وأنفنا مسدود لكننا لم نغادر بلدية
برج البحري لأننا قصدنا فيها شاطئ –كوكو بلاج- أو كما يطلق عليه تسمية –الباخرة المحطمة- الذي يستقبلك فيه البناء الفوضوي الذي يغزو المكان حيث توجد هناك أكثر من 80 بناية فوضوية تقابل الشاطئ، هذا من جهة، من جهة أخرى فإن هذا الشاطئ الذي تسبح فيه عائلات هذه الأبنية الفوضوية والعائلات التي تأتي من الأماكن القريبة للأسف يتدفق فيها واد ملوث يأتي من الحميز والبلديات المجاورة غير أن هذا لم يمنع الجميع من العوم بداخل شاطئه وسط زينة القمامة التي تغطي المكان والرائحة العطرة التي تتسرب من الواد والبناء الفوضوي في ذات الوقت.والأدهى والأمر - كما يقال- هو القلعة التي وجدناها بالشاطئ والتي تعد من مخلفات الأتراك كما هو مبين لمن يراها وكما قاله لنا أيضا أحد سكان المنطقة "لقد تم إهمال هذه القلعة الرائعة كما ترين من قبل السلطات المحلية والمعنية لتصبح اليوم عبارة عن ملاذ للشباب العاطل عن العمل أو الضال حيث تتحول ليلا إلى مخمرة أو حانة ليلية".وجهتنا بعدها كانت شواطئ بلدية برج الكيفان التي تشبه في وضعيتها المزرية شواطئ برج البحري إن لم تكن أكثر، لأنها للأسف تحتوي على كنز تم تضييعه والاستهتار به. دخولنا إلى شواطئ برج الكيفان –شاطئ عروس البحر1وعروس البحر2-كان عن طريق ممرات ضيقة وسط بنايات فوضوية كثيرة وعمارات قديمة يبدو أنها تصلح لغير السكن كما أننا مشينا ونحن نسد أنفنا بسبب الروائح الجد كريهة التي تأتي من قناطير القمامات دون مبالغة لأنها فعلا جبال من القمامة التي تأتي من السوق المجاور للشاطئ، لنكمل سيرنا ونفاجأ بمعلم أثري ضخم عبارة عن حصن مكتوب عليه اسم-حصن مولاي حسن- يعود تاريخه إلى عهد الأتراك الذين خلفوه وعوض أن يكون من بين الأماكن الأثرية التي تزخر وتفخر بها الجزائر تحول إلى وكر للرذيلة والسكر من قبل شباب المنطقة وهذا ما وقفنا عليه بأنفسنا وعندما تجرأنا وسألنا هؤلاء الشباب كان ردهم رد جل شباب الجزائر "نحن نريد الحرقة وفي انتظار تحقيق هدفنا نأتي إلى هذا القصر العظيم الذي يخفي طيشنا لا نخفي أننا نتأسف على الحال الذي وصل إليه لكن الذنب ليس ذنبنا منذ أن وعينا على الدنيا وهو مهمل لهذا نستغله نحن"،ووسط قارورات الخمر وزجاجها الذي يغطي أرضية القلعة نزلنا إلى شاطئ بحر العروس 1و2 لنجد نفس الصور الكارثية للشواطئ التي زرناها من قبل - قمامات وفوضى ومياه البحر التي أصبح لونها أسود جراء تدفق المجاري المائية فيها- ومع كل هذا فإن أول ما يستقبلك عند هذه الشواطئ لافتة "مسموح للسباحة".إذا كانت بعض هذه الشواطئ التي وقفنا عندها متواجدة داخل ولاية الجزائر التي تعد قبلة للسياحة الجزائرية في موسم الصيف فإننا فعلا بإمكاننا القول بأن على هذه السياحة السلام في ظل غياب الوزارة الوصية التي لا تجيد سوى سن القوانين والخطابات متناسية التطبيق، هذا من جهة من جهة أخرى فإن وزارة الصحة تسجل كل عام أمراضا جديدة قادمة من البحر لكنها لم تر أو لا تود أن ترى حجم الكارثة والتلوث الذي تعيشه شواطئنا، أما الهم الأعظم الذي فاق هذا وذاك فهو زيادة على اكتشافنا للأمراض والأوبئة الذي يغطس فيها مواطنونا فإننا اكتشفنا أيضا السبات العميق الذي دخلت فيه وزارة السياحة والثقافة عندنا بعد أن تحولت أماكننا الأثرية ومعالمنا التاريخية إلى أوكار للرذيلة وملاجئ ربما للفارين.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.