لقد مات "عز الدين"، ليس لأنه موجود حاليا في سوريا فأصابته شظية قتلته كما يقتل الأطفال هناك ببرودة دم، ولم يكن في ميدان رابعة مع أمه فقتله نظام السيسي، لم يكن عز الدين في أي من الدول التي يقتل فيها البشر على هويتهم أو لانتمائهم أو لأي سادية في القتل . عز الدين مات لأنه طفل جزائري فقير، لم تشأ أي من مستشفيات العزة والكرامة وإصلاح المستشفيات استقباله، شاء له القدر أن ينقل بين ربوع هذا الوطن المفجوع والمسروق والمنكوب والموبوء بكل هذه التفاهات المسؤولة عن قطاع يسمى إصلاح المستشفيات. وتصوروا أن نقل "عز الدين" إلى مستشفى البليدة لم يكن إلا بعد أن أغلق مجموعة من الشباب الطريق الوطني رقم واحد في مدينة الأغواط بعد انتشار مأساته على صفحات "الفايسبوك" . هكذا تأخر نقل الطفل أسبوعين كاملين بسبب انتظار الموافقة، وهكذا يموت البشر عندنا بسبب انحدار المستوى الأخلاقي وموت الضمائر في المستشفيات، حتى غدا التأخر في اتخاذ القرارات سمة جزائرية خالصة تنتظر غلق الطرقات وإحراق العجلات المطاطية لتأتي الموافقة بعد أن يكون الأوان قد فات، فتنهش الكلاب جسد طفلين صغيرين وتقتل احدهما لأن الوالي تأخر شهرين على توقيع الترخيص الخاص بقتل الكلاب الضالة في إحدى الولايات، ويموت أحد الأطفال غرقا في إحدى الحفر التي تركها أحد الأغبياء بعد أن استكمل الأشغال! ويموت الكثير في وطني بسبب الفساد واللامبالاة وانتظار الموافقة في دولة لها مسؤولون كثر، ووزير للصحة وإصلاح المستشفيات، تصوروا إصلاح المستشفيات! من أجل نزلة برد يذهب مسؤولونا وعائلاتهم إلى مستشفيات باريس للعلاج، ويبقى أبناء الفقراء لمواجهة مصيرهم ومواجهة بيروقراطية المستشفيات في قطاع التهم فقط ملايير الدولارات، قطاع وزيره كان ولا زال مشغول بإفرازات انتخاب الأمين العام لجبهة التحرير . وهكذا قد نرقص اليوم بانجازات هذا القطاع ليس رقصا للفرح، ولكنه رقص كرقص الطير المذبوح من الألم على إيقاع دربوكة أفلانية خالصة . هريمك محمد ملاحظة: تحفظت إدارة "صوت الجلفة" على نشر صورة الطفل "عز الدين" حفاظا على مشاعر القراء.