أعاد اكتشاف مقابر جماعية في الأراضي الصحراوية المحتلّة مؤخّرا إلى الواجهة مسألة الجرائم التي ترتكبها السلطات المغربية ضد الشعب الصحراوي، ضاربة عرض الحائط الشرعية الدولية بخصوص احترام حقوق الإنسان. حسب تصريحات رئيس جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين عمر عبد السلام فإن اكتشاف في بداية سنة 2013 مقابر جماعية في منطقة مقالة قرب السمارة وغير بعيد عن (جدار العار) كشف التجاوزات والمخالفات المرتكبة من طرف المغرب. بالفعل تمّ اكتشاف مقبرة تحتوي على رفات 60 شخصا على الأقل من بينهم أطفال، وسمح تحديد هوية 9 منهم بالتأكيد أن الأمر يتعلّق بمدنيين صحراويين قتلوا من طرف القوات المغربية خلال غزو ثمّ احتلال الصحراء الغربية سنة 1976. ويبرز اكتشاف المقابر الجماعية مرّة أخرى الممارسات غير الإنسانية التي ينتهجها المغرب ضد الصحراويين منذ غزوه للصحراء الغربية قبل نحو أربع عشريات خلت رغم نداءات العديد من البلدان والمنظمات الدولية لدراسة مسألة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومنها ملف مئات المفقودين الذين يبقى مصيرهم مجهولا، حسب المسؤولين الصحراويين. ودعت الحكومة الصحراوية مرارا إلى كسر القيود الإعلامية المفروضة من المغرب في الأراضي الصحراوية المحتلة حيث ترتكب انتهاكات (ممنهجة) لحقوق الإنسان وقمع (أعمى ووحشي) ضد السكان المحليين. وتخص الانتهاكات المغربية أيضا عدم احترام القوانين الدولية من خلال عرقلة عمل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. وأمام هذا الوضع الذي طال أمده أعربت جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين عن (انشغالها العميق) بشأن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها القوات المغربية منذ 31 أكتوبر 1975 تاريخ غزو الصحراء الغربية. أرقام مذهلة حول التجاوزات المغربية نبّه الصحراويون إلى أن هذا الاحتلال خلّف آلاف الضحايا جراء الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان التي تتواصل إلى يومنا هذا. وأكّد السيّد عبد السلام ل (وأج) أنه خلال 38 سنة من الاحتلال تمّ تسجيل (أكثر من 4.500 مفقود جبري من بينهم 550 مفقودا يبقى مصيرهم مجهول و30.000 حالة اعتقال تعسفي وأكثر من 30.000 حالة تعذيب 55 بالمائة من بينهم نساء وأطفال)، كما أشار إلى (أكثر من 1.550 حكم جائر أصدرته محاكم مدنية وعسكرية مغربية ووفاة أكثر من 1.300 مدني من بينهم أزيد من 200 شخص (معظمهم نساء وأطفال) خلال القصف بالنابالم والفسفور الأبيض في فيفري 1976 وكذا 2.500 شخص ذهبوا ضحية الألغام المضادة للاضخاص التي زرعتها القوات المغربية). وغداة اكتشاف المقابر الجماعية في بداية سنة 2013 قدّمت جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين تقريرا حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية تضمّن معطيات علمية قدمها أطباء شرعيون وخبراء في علم الوراثة تؤكد تورط قوات الاحتلال المغربية في دفن المفقودين الصحراويين في مقابر جماعية. ويرى رئيس جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين أن هذه الأدلّة (تكفي لوحدها لرفع قضية دولية ضد ادّعاءات المحتلّ المغربي حول ملف حقوق الإنسان)، داعيا الأمم المتّحدة إلى تحمّل مسؤوليتها لتمكين عائلات الضحايا من ممارسة حقّهم الكامل في اكتشاف الحقيقة. أين حقوق الإنسان يا مخزن؟ في هذه الأثناء يواصل المغرب تجاهله للمجتمع الدولي من خلال الاستمرار في أعمال القمع والاعتقالات التعسفية والتعذيب المرتكبة ضد الصحراويين. في هذا الصدد، أعرب الكونغرس الأمريكي مؤخّرا عن انشغاله الشديد إزاء انتهاكات الحكومة المغربية المتواصلة لحقوق الإنسان. وأدانت البرلمانية بيتي ماكولو أعمال القمع والمخالفات التي ترتكبها السلطات المغربية، مشيرة إلى مختلف التقارير التي أعدّتها عدّة منظمات دولية لحقوق الإنسان (منظّمة العفو الدولية ومنظّمة هيومن رايتس ووتش والمنظّمة غير الحكومية الأمريكية روبرت.أف. كندي من أجل العدالة وحقوق الإنسان (أر.أف كندي سنتر...)، وكذا الصحافة الأمريكية، وأكّدت أن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من طرف القوات المغربية ضد الصحراويين (يتوسّع صداها بفضل منظمات حقوق الإنسان)، كما أكّدت أن الصحراويين يتعرّضون دوما للمطاردة والسجن بسبب مشاركتهم في مظاهرات تنادي بحقّهم في تقرير المصير، حيث تمّ تعذيب البعض منهم أو تعرّضهم لسوء المعاملة خلال استنطاقهم من طرف الشرطة المغربية. ولاحظت البرلمانية الأمريكية أمام الكونغرس أنه من البديهي أن (الملك محمد السادس وجهازه للأمن ينتهكون حقوق الإنسان إلى حد يثير الاهتمام المتزايد للمجتمع الدولي). ويأتي تصريح السيّدة بيتي ماكولو أياما بعد تلقّي الكونغرس تقريرا جديدا من كتابة الدولة الأمريكية حول الصحراء الغربية أعربت فيه عن (انشغالها) إزاء أعمال العنف و(القيود المفرطة) التي ترتكبها السلطات المغربية ضد الصحراويين. وسجّل تقرير كاتب الدولة الأمريكية جون كيري بدوره أن الانتهاكات المرتكبة ضد السكان الصحراويين ترهن ممارسة (حقّهم في التعبير سلميا عن آرائهم بشان وضع الصحراء الغربية ومستقبلها) وتحول دون وصول منظّمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي حكومات أجنبية إلى الأراضي الصحراوية. من جهته، صادق البرلمان الأوروبي على تعديل لتقرير تانوك حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والساحل يتضمّن إرسال لجنة مشتركة بين بعثة منظمة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) واللّجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة السمارة، حيث تمّ اكتشاف مقابر جماعية دفن فيها مدنيون صحراويون. وطلب البرلمان الأوروبي من السلطات المغربية السماح للمنظّمات الدولية على غرار اللّجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ولجنة حقوق الإنسان للبرلمان الأوروبي بالدخول إلى الأراضي الصحراوية، وأعرب عن (دعمه) لإنشاء بعثة مشتركة بين (المينورسو) واللّجنة الدولية للصليب الأحمر قصد الشروع في انتشال الجثث المكتشفة في المقابر الجماعية وتسليما إلى العائلات. ومن جانبه، أكّد الوزير الصحراوي المنتدب بأوروبا محمد سيداتي أن طلب توسيع مهام بعثة الأمم المتّحدة من أجل استفتاء بالصحراء الغربية (المينورسو) إلى مراقبة حقوق الإنسان أصبح دوليا (أكثر فأكثر) ما دام الوضع (خطيرا ومتأجّجا) في الأراضي الصحراوية. واعتبر نفس المتحدّث أنه على المجموعة الدولية أن تتحرّك (أكثر) من أجل (وضع حدّ للانتهاك حقوق الإنسان من طرف المغرب ضد الشعب الصحراوي)، مضيفا أن هذا (الاستعمار يمثل إهانة للضمير العالمي)، وذكر في هذا السياق أن البرلمان الأوروبي قد أعرب عن تأسفه لعدم توسيع مهام (المينورسو) إلى مراقبة حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة، موضّحا أن تقرير شارل تانوك الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي مؤخرا (واضح جدّا) بشأن انتهاك حقوق الإنسان.