دعت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الحكومة إلى اتّخاذ التدابير والإجراءات الضرورية للحد من غلاء الأسعار، والإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين. جاء ذلك خلال يوم دراسي نظمته النقابة، السبت، بمجلس المستشارين حول مشروع قانون المالية برسم سنة 2023. قال محمد الزويتن، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل، في كلمة له أمام المشاركين في اليوم الدراسي "ندعو الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات العاجلة للحد من غلاء الأسعار والإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين". واعتبر الزويتن أن تنظيم هذا اليوم الدراسي يكرّس دور الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب كقوة اقتراحية، داعيا الحكومة إلى التفاعل الإيجابي مع مقترحات ومطالب الاتحاد. كما طالب الحكومة بمراقبة الأسعار ومحاربة كل أشكال المضاربة والاحتكار، ورفع الضريبة على أرباح شركات المحروقات، وغيرها من الشركات التي تحقق أرباحا مرتفعة. وأشار إلى أنّ الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب سيظل مدافعا عن مطالبه المتمثلة في مراجعة الضريبة على الدخل بالنسبة لذوي الدخل المحدود، وكذا تخفيض الضريبة على المعاشات. الدّولة الاجتماعية مجرّد وهم في السياق، قالت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب "الاشتراكي الموحّد"، إنّه ليس هناك مشروع للدولة الاجتماعية، في قانون مالية 2023، بل على العكس من ذلك هناك الأوهام فقط. وتساءلت منيب، هل هناك مشروع موازي للنهوض بالقطاع الصحي في البلاد، تماشيا مع تعميم التغطية الصحية؟ وأبرزت أنّ صناديق التقاعد العامة والخاصة تمّ نهب أموالها وتبديدها، واليوم الأجراء والموظفون مطالبون بمزيد من العمل لمواجهة اختلال أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس الوشيك. واتّهمت منيب الدولة بتشجيع التعليم الخاص والصحة الخاصة، كما اتّهمتها باستهداف المقاول الذاتي في الإجراءات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية، بما يعني الإجهاز عليه، إلى جانب المحامين، وغيرها من الفئات. وشدّدت على ضرورة أن تكون الضرائب عادلة، وفي إطار إصلاح شامل. وأكّدت أنّ مشروع الدولة الاجتماعية مجرد وهم في ظل سيطرة الأقلية على الثروة، وانتشار الفساد الذي أصبح منظومة تنخر كل دواليب الدولة، والذي يكلفنا 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي 50 مليار درهم. الأمن الاجتماعي مهدّد في السّياق، وحول ارتفاع الأسعار وتدني مستوى المعيشة، كتبت د - لطيفة شوقي، باحثة مغربية مختصة في القانون الدولي والعلوم السياسية تقول "إنّ الواقع البئيس الذي أصبحت تعيشه بلداننا اليوم من غلاء للأسعار وارتفاع لتكلفة العيش، وموت بطيء للطبقات الفقيرة والمتوسطة لهو في حد ذاته دليل واضح على الفشل الحكومي والسياسي الذي يسير نحو الأسوأ، فالحكومات التي لا تضع صوب أنظارها إلا الأهداف الإقتصادية هي حكومات رأسمالية بامتياز، لا تصلح لتمثيل الطبقات الفقيرة والمتوسطة، والتي بمشقة نفس تحاول ضمان حقوقها الطبيعية في الغذاء والصحة والتعليم". فكل حكومة رشيدة - كما تضيف الباحثة - "قبل أن تسعى لمنافسة البلدان القوية اقتصاديا، وجب أن تحقّق قبل ذلك الأمن الإجتماعي لأفرادها، ونقصد بذلك توفير الغذاء والصحة والتعليم والتي تعتبر حقوقا أساسية وطبيعية"، وتقول "إنّ هذه الوضعية تؤجّج التوتر واللاّإستقرار وانتشار الجريمة، وتزيد من التفاوتات الطبقية ومن إحساس التهميش واللاعدالة لدى الفئات الهشة، فكلّما تفاقمت الحالة الإجتماعية وتدهورت كلما كان الأمن الإجتماعي مطلبا غير متحقّق، والحقيقة أن الحكومات التي لا تتبع استراتيجيات حكيمة لتحقيق معادلة الأمن الإجتماعي والإقتصادي معا، فأكيد أنّها ستواجه بالمقابل ولادة عدّة تحدّيات لم تكن في الحسبان، أهمها تعميق الفوارق الاجتماعية، وتركيز الثروات لدى الطبقات الغنية، وتشجيع الكثير من الظواهر المجتمعية السلبية مثل الفقر والتشرد والهدر المدرسي، وارتفاع معدل البطالة ومعدل جرائم النهب والسرقة، وكلها تحدّيات تقود بدورها إلى اضطراب النظام العام، وتشتت الوحدة المجتمعية. كما كتبت الباحثة لطيفة شوقي، أن هذا النهج السياسي المتهور وغير الرشيد لن يقود لنمو، ولا لأمن أو رخاء، ولن يحقق أي تنمية مستدامة، بل يسير نحو نشأة كوارث واختلالات مجتمعية متعددة.