* عصابات تفرض إتاوات على التجار مقابل عدم الاعتداء على زبائنهم غياب الأمن سهل عمل المجرمين… والجنس اللطيف الأكثر استهدافا مَن مِنَ العاصميين لا يعرف سوق بومعطي بالحراش أو لا يسمع عنه، ذلك السوق الذي حتى وإن وجد المواطن كل ما يحتاج للتبضع منه إلا أنه يبقى يفتقر لأدنى الشروط الواجب أن تتسم بها أية سوق من حيث الأمن والتهيئة على حد سواء، ناهيك عن تدهور وضعيته، فإن كل القاصد إليه بات مصيدة وفريسة لذوي السوابق العدلية، مما أثر سلبا على نشاط التجار الذين بدورهم تأثر نشاطهم فوجدوا أنفسهم مضطرين لدفع ضريبة للصوص والمعتدين تقدر بحوالي 400 دينار جزائري لضمان عدم الاعتداء على زبائنهم من جهة وتحصيل “الخبزة” اليومية دون إزعاج وسط غياب تام لمصالح الأمن.. يحدث هذا على بعد أمتار من العاصمة. سوق بومعطي أو بما يعرف كذلك بسوق الحراش أو “دي 15″ يعرف فعلا إقبالا واسعا للزبائن ممن يترددون عليه من كل صوب، فحتى القادمون من الولايات الأخرى يقصدونه للتبضع وأكثر من ذلك فإنك تجد حتى المغتربين من جاليتنا بالمهجر ممن وجدوا الأسعار معقولة، فكان لذلك سبب كاف للتوافد الكبير عليه. أرضية مهترئة وأوحال تصل إلى الركب بالرغم من أن زيارتنا لهذا السوق في يوم مشمس، إلا أن أرضيته المهترئة ظلت عارمة بالطين والأوحال تحيط به من كل ناحية بعد تساقط الأمطار غي هذه الأيام الأخيرة، فلم نقو على الحراك لاسيما وسط الانتشار الواسع للأوساخ والقاذورات. فقاصد سوق بومعطي لا يبدو له أنه بالعاصمة بل يخال أنه في إحدى المناطق النائية التي غض المسؤولون المحليون بصرهم عنها لشدة النقائص التي يتميز بها، والأدهى من ذلك أنك تجد سلعا مختلفة منها المواد الغذائية على جوانبه وعند كل مدخل أو مخرج له، وسط إقبال الناس عليها بعدما استهواهم تنوعها وأسعارها الرخيصة دون الاكتراث لخطر ما يستهلكونه، بل تجدهم مكتظين يتدافعون نحوها ويتهافتون عليها وكأنها في انقراض، مما جعلنا نتقرب من البعض منهم ونسألهم عن دافعهم لذلك، فكان ردهم بالإجماع بخس الأثمان وقدرة المواطن البسيط على اقتنائها في ظل غلاء المعيشة لما يتوفر في محلاته التي تعرض كل شيء وأي شيء وميزتها أنها تعتمد على سعر الجملة في البيع بالتجزئة. كما اقتربنا من بعض الباعة لأخذ انطباعاتهم حول هذه الأوضاع، فأعربوا عن رغبتهم في تنظيم هذا السوق لكونه المصدر الوحيد للاسترزاق وكسب لقمة العيش لعائلاتهم، ليؤكد البعض منهم أنهم ظلوا يواجهون به مخاطر وظروفا عصيبة من أجل كسب لقمة الحلال. الجنس اللطيف زبون الدرجة الأولى… ولكن إن سوق بومعطي الذي كان في وقت ليس ببعيد محرّما على الجنس اللطيف، بات الآن يفتح له أبوابه، فغالبية زبائن هذا السوق هم من الفتيات أو النسوة اللاتي جرهن فضولهن لاختراق هذا السوق للاطلاع على ما يعرضه من ألبسة، وأوان ومفروشات متنوعة وبأسعار مغرية وفي مقدروهن، كما تجدهن كالنحل لدى باعة مواد التجميل والعطور غير مكترثات على صحتهن، مع أنها تظل معروضات لأيام طوال وحتى أسابيع إن لم نقل أكثر تحت أشعة الشمس، إلا أن هوس الفتيات والنسوة بالتزين أنساهن التفكير في ذلك. وللاعتداءات حديث آخر… الحديث عن سوق بومعطي يجرنا حتما إلى هاجس الاعتداءات التي تطال المواطنين بهذه المنطقة المحفوفة بالمخاطر في ظل الانتشار الواسع بها للمنحرفين وذوي السوابق الإجرامية، فبمجرد وصولنا إلى هذا السوق طلب منا رجل ستيني الانتباه واليقظة لانتشار الاعتداءات، بعدما أكد أنه وقبل وصولنا بلحظات كانت قد تعرضت فتاة للاعتداء من قبل منحرفين أسقطاها أرضا وانتزعا منها حقيبة يدها أمام عجز المواطنين عنه التدخل. وهي ليست الحالة الوحيدة إذ أكد من تحدثنا إليهم أن الاعتداءات بهذا السوق متكررة في اليوم الواحد من قبل اللصوص الذين يعرفون المنطقة جيدة ويجوبون فيها دون خوف في ظل غياب تام لعناصر الأمن. احذروا “الياغورت”… فهو وسيلة يستهدف بها السارق فريسته لعل اللافت للانتباه بهذا السوق هو ما اهتدى إليه أصحاب “حرفة السرقة” فحتى وإن كان الأسلوب غير جديد حسب أصحاب المنطقة ممن أكدوا أن اللصوص باتوا منذ مدة يقومون باستعمال المادة الغذائية من مشتقات الحليب المعروفة ب”الياغورت” وذلك عن طريق رمي علبة ياغورت مفتوحة على الضحية وأثناء قيام الضحية بمسح آثار الياغورت على ملابسه يستغل اللصوص الفرصة للقيام بالسرقة، وهو الأسلوب الذي تفاقم خلال هذا الشهر، مما مكن من سلب أحد المواطنين راتبه الشهري الذي كان قد استلم قبل برهة وتوجه به للسوق لاقتناء بعض المستلزمات الغذائية. كما تعرضت عجوز بنفس الطريقة لسرقة حقيبة يدها. وأكد الكثير من باعة السوق أن ذوي السوابق العدلية المترددين على هذه السوق ينتهجون أسلوب استعمال “الياغورت” مما مكنهم من سرقة أعداد لا تحصى من المواطنين البسطاء الذين يقصدون هذه السوق للتبضع هروبا من الغلاء الفاحش للمعيشة نظرا لما يطبع هذه السوق من رخاء مقارنة بباقي أسواق العاصمة. كما تعرضت سيدة للسرقة بينما كانت منهمكة في اقتناء الخضروات وبمجرد إدخالها يدها في حقيبة يدها تفاجأت بوجود تمزيق عليها ومعه اختفت حقيبة النقود التي كانت بحوزتها وقد وقع ذلك دون أن تشعر الضحية بشيء حيث قام الفاعل بما شاء بكل ارتياح واحترافية وسط زحمة من الناس. ضرائب للتجار من نوع خاص كشف بعض الباعة بهذا السوق أن العديد منهم مضطر لدفع مبالغ مالية تأمينا لتنقلات الزبائن نحوهم وتفاديا لتعرضهم للسرقة، وراح يؤكد من تحدثنا إليهم أنهم الجماعات اللصوصية التي استفحلت بالموقع تجبر الباعة على دفع غرامات مالية تصل أحيانا إلى 200 دج في اليوم حفاظا على زبائنهم وضمانا لسير نشاطاتهم التجارية، في ظل ما تشهده بعض الأحياء من عزوف جراء الاعتداءات المسجلة من حين لآخر، مما يجبر التجار على الدفع خاصة أنهم باتوا يمارسون نشاطاتهم بكل حذر، يتهيئون في لحظة تعرضهم للاعتداء من قبل الجماعات اللصوصية. محطة النقل بؤرة أخرى للاعتداء لا يسلم المتردد على سوق بومعطي الذي يقصد المحطة الحضرية للمسافرين المحاذية للسوق من كيد اللصوص الذين يتربصون بهم عند النزول من الحافلة أو الصعود إليها، فلا حديث بهذه المنطقة إلا عن المتربصين من اللصوص الذين يشكلون خطرا محدقا بالمواطنين بسبب انتشارهم الواسع وهم مسلحون بالأسلحة البيضاء من مختلف الأشكال فلا يأمن المواطن المغلوب على أمره أمام ما يواجهه من تهديدات يومية. وليس المواطن الوحيد هو المستهدف من قبل الجماعات اللصوصية بل إن هؤلاء اتخذوا من أصحاب الحافلات مصدرا لتحصيل الأموال، حيث أكد بعض قابضي الحافلات أنهم لا يتوانون عن سلبهم إيرادات نقلهم للزبائن، فتجدهم يرضخون لهم في العديد من المرات حفاظا على أرواحهم. التعجيل بإيفاد قوات الأمن توزع بشكل دوري عبر مختلف أرجاء المنطقة بالزيين الرسمي والمدني، توفيرا للأمن وحفاظا على وسلامة الجزائريين، ووضع حد لسيطرة الجماعات اللصوصية التي صنعت لها صرحا بالمنطقة دون رقيب ولا حسيب.