انتهت المشاورات السياسية بعد شهر من استقبال عدد من الشخصيات ومقاطعة شخصيات أخرى، انتهت بجملة من اقتراحات قدمها المشاركون حول السياسية التي يرون أنها ملائمة لمستقبل الجزائر، لكن لا يختلف اثنان في أن المشاورات فقدت بريقها الإعلامي، ولم تستطع إحداث صخب شعبي بسبب مقاطعة أهم الشخصيات واستقبال شخصيات أخرى من "الأرشيف" اوغير معروفة الإطلاق. وإن ثمنت العديد من الدول هذه المشاورات مثل بريطانيا التي صرح وزيرها المكلف بالشرق الاوسط وشمال افريقيا أليستر بورت قائلا "تلقيت بارتياح بدء تلك المشاورات التي ستشمل محاور هامة على غرار الدستور والقانون الانتخابي وقانون الإعلام ودور الصحافة ولامركزية السلطة ومشاركة المرأة في الحياة العامة"، الا انها لقيت انتقاد كبيرا في الداخل من طرف ما يطلق عليهم "المعارضة" الذين شككوا في الهيئة او لم يرضوا على قيادتها، مثل الأرسيدي والأفافاس. النظام البرلماني، تحديد العهد ورفع التجريم عن الصحفي لقد تنوعت اقتراحات المشاركين في لجنة عبد القادر بن صالح حسب الانتماء السياسي، والإيديولوجية، وأيضا حسب التخصص، فالأحزاب الإسلامية كلها اقترحت تطبيق نظام حكم برلماني في الجزائر، بداية من حركة الإصلاح الوطني، وحركة النهضة، ومجتمع السلم، فيرى أبو جرة سلطاني أن مفتاح الإصلاحات المعلن عنها يكمن في الإصلاح السياسي وانه من دعاة إرساء النظام البرلماني في الجزائر تسند فيه إدارة شؤون الحكم والمال إلى من يضع فيهم الشعب الجزائري ثقته "عبر صناديق اقتراع شفافة ونظيفة ونزيهة"، واختارته أيضا الأمينة العامة لحزب العمال التي تساند خيار النظام البرلماني باعتباره —كما قالت — "يكرس السيادة الشعبية الحقيقية ويعطي تجانسا للدولة" مؤكدة في ذات السياق على ضرورة " إرساء ميكانيزمات للرقابة التشريعية على الجهاز التنفيذي" وكذا إيجاد " ميكانيزم للاحتكام " في حالة حدوث صراع بين الهيئات، واختاره أيضا زعيم الأفانا موسى تواتي الذي طالب بنظام برلماني"، وإذا تطلب الأمر يستفتى فيه الشعب بضرورة أن تحترم الإرادة الشعبية". وكان خيار النظام البرلماني من ابرز اقتراحات المشاركين في هذه المشاورات، باستثناء جبهة التحرير الوطني التي أجلت الفصل في الموضوع. في حين تبقى أراء أخرى منها التجمع الوطني الديمقراطي ورئيس الحكومة الأسبق إسماعيل حمداني تنادي بالنظام شبه الرئاسي، أما بقية القوانين فكلها ركزت على إلغاء تجريم الصحفي، ووجوب فتح السمعي البصري، وغيرها. ولا يمكن تجاهل نقطة أساسية تطرق اليها المشاركون في الاقتراحات السياسية وهي ضرورة تحديد العهد الرئاسية، فقد تطرق لها اغلب المشاركون في هذه المشاورات وعلى راسهم اللواء المتقاعد خالد نزار، وأمين الارندي احمد اويحيى الذين طالبوا بتحديد العهد الرئاسية، وغيرهما من المشاركين. في حين تعددت الاقتراحات الأخرى حول كل حزب اوشخص، فمثلا اقترحت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط أن يشرع رئيس الجمهورية بأوامر رئاسية حتى انتخاب البرلمان الجديد مقترحة أيضا أن يعين رئيس الدولة لجنة مشكلة من خبراء مستقلين تسند لها مهمة إعداد قانوني الانتخابات والأحزاب السياسية وكذا القانون الخاص بترقية المشاركة السياسية للمرأة، وهونفسه مطلب الجنرال خالد نزار الذي يقول بضرورة حل البرلمان الحالي، وتشريع بوتفليقة بالمراسيم. ومن بين المقترحات الأخرى هو مناداة لوزيرة حنون تأسيس كتابة للدولة مكلفة بترقية الامازيغية وثانية مكلفة بترقية المساواة في الحقوق والمواطنة وثالثة مكلفة بحماية حقوق الإنسان والفئات الهشة بالإضافة إلى إنشاء وزارة للتخطيط، و"إلغاء الحكم بالإعدام الذي جمدت الجزائر العمل به منذ سنة 1993 ". أمين المركزية النقابية اقترح مراجعة قانون 1990 الخاص بالجمعيات، أما الحقوقي حسين زهوان فقد اقترح وضع دستور "إطار" يتضمن جملة من "الحواجز" الرامية إلى "حماية" الجزائر من أي "انزلاق" قد يحدث مستقبلا. ومن جملة اقتراحات فدرالية الصحافيين الممثلة في شخص فوزية عبابسة هي وضع مرجعية قاعدية للأجور مع التأكيد على ضرورة احترامها في القطاع الخاص، وإعادة النظر في قانون الإعلام. أما ممثلو الإعلام فقد اقترحوا تشكيل مجلس أعلى للصحافة، وإصدار بطاقة الصحافة، وفتح المجال السمعي البصري، وفي مجال عقوبات الصحفي، اقترحوا مراجعة بعض المواد الخاصة بقانون العقوبات، مع خفض الغرامة المالية على الصحافيين المتابعين قضائيا. كما طالبوا بضرورة إعادة النظر في منح الاعتماد للجرائد، ومنحها للصحافيين المحترفين وليس لأصحاب "الشكارة"، ووضع برنامج خاص سكني للصحافيين. أما ممثلوا الجالية بالمهجر فتمحورت اقتراحاتهم حول الاهتمام بالجالية وتفعيل دور ممثليها من أجل حماية مصالح الجزائر بالخارج، حيث تضمنت اقتراحات نور الدين بن مداح رئيس الفدرالية الأوربية للجمعيات الجزائرية ضرورة "عمل المجالس في بناء مؤسسات الدولة"، والإسراع في تأسيس المجلس الاستشاري للجالية الجزائرية، مع مراعاة بعض التعديلات المقترحة من قبل بعض الجمعيات، للاتفاق عليها في جلسات تسبق تأسيس المجلس. هل يؤثر المقاطعون في إنتاج اقتراحات ملائمة؟ ويبقى السؤال الذي يطرح كثيرا، هو هل تؤثر نسبة المقاطعة على هذه المشاورات السياسية ام لا، فلو نظرنا إلى الشخصيات ذات المصداقية والثقيلة التي شاركت في المشاورات السياسية فنجدها قليلة جدا، في حين "تميعت "المشاورات بمشاركة أحزاب مجهرية لا تمثيل لها، ومنها من لم يستطع الحصول على توقيعات للترشح للانتخابات الرئاسية، ومنها من له ظهور مناسباتي، في حين نجد ان أحزاب المعارضة وشخصيات اخرى أصرت على المقاطعة منها حسين آيت أحمد رئيس حزب جبهة القوى الاشتراكية وسعيد سعدي رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وأحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق، ومصطفى بوشاشي، وعلى يحيى عبد النور، والرئيس الأسبق على كافي، ومولود حمروش، وعبد الله جاب الله، وغيرهم. محمد.ب