الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبدأ عام تقرّر في شريعة الإسلام، ويعتبر ميزان قياس درجة وعي الأمة، وهو من خصائص أمة الإسلام وعليه تقوم خيريتها، قال تعالى:" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ...(110)"[سورةآل عمران]. ما يجعل العمل بهذا المبدأ ضروريا هو حالة الضياع التي تعيشها الأمة و كثرة المنكرات المفاسد في العقيدة والأخلاق والمعاملات. إن استقراء النصوص الشرعية يبين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة شرعية: من القرآن الكريم: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(104)﴾[سورةآل عمران،].، ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ(78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(79)﴾[سورةالمائدة]. مفاد هذه الآيات أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم على الجميع، قال ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): [وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يجب على كل أحد بعينه، بل هو على الكفاية]، ويرى بعض العلماء مثل الإمام النووي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم قادر على حسب استطاعته. من السنة النبوية: عن أبي سعيد الخدري رَضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) [رواه مسلم]. وعن حذيفة رَضي الله عنه عن النبي صَلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن]. وعن أبي سعيد الخدري رَضي الله عنه عن النبي صَلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) [رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن]. شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : الاستطاعة: يسقط الإثم عند العجز عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ، أن يكون المنكر معلوما من غير اجتهاد ، أن يكون المنكر ظاهرا من غير تجسس،مراعاة التدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ألا يُفضي الأمر أو النهي إلى مفسدة أعظم، لأن الشريعة الإسلامية تحرص على تحصيل المصالح، ودفع المفاسد، وقد قسم ابن القيم في "إعلام الموقعين" إنكار المنكر إلى أربع درجات: - الأولى: أن يزول المنكر ويخلفه ضده. - الثانية: أن يقل وإن لم يَزُل بجملته. - الثالثة: أن يتساويا. - الرابعة: أن يخلفه ما هو أشر منه. وخلص إلى أن الدرجتين الأوليين مشروعتان، وأما الثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة. الخلاصة : 1. النهي عن المنكر أشد وأصعب من الأمر بالمعروف. 2. مراعاة المصالح والمفاسد عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3. زرع القيم وبناء الأخلاق صمام أمان للأفراد المجتمعات. 4. ضرورة صناعة الرأي العام الناضج الذي يرفض المفاسد، ويقبل المصالح. 5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية الجميع: حكاما ومحكومين، قال صَلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والإمام راع ومسئول عن رعيته...) [رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رَضي الله عنه].