الحاجّة حنايزي زهور، 72 سنة، لم يثنها كبر سنّها على تعلّم أبجديات اللغة العربية، رغبة في حفظ القرآن الكريم وقراءته، لتحقّق بذلك أمنيتها بلقاء الله وكلامه محفور في قلبها. قبل ثماني سنوات، قرّرت الحاجّة زهور حمل القلم لتمحي به جهلا بصمَ حياتها، حيث تتذكّر خالتي زهور أوّل يوم التحقت فيه بصفّ محو الأمية بمدرسة طاطالي الطاهر بموزاية في البليدة قائلة: ''هدفي كان قراءة الحروف لحفظ القرآن والتهيّؤ أيضا لزيارة بيت الله الحرام والحج وتأدية مناسكه تأدية صحيحة''. وتعترف الحاجّة زهور أنّه، في بداية مشوارها الدراسي، واجهتها صعوبة في التعلّم لأسباب عدّدتها بكبر السنّ والمسؤوليّات كقريناتها، لكنّها تحلّت بالعزيمة والإصرار على طلب العلم، من خلال الاجتهاد والحرص على المراجعة والاستعانة بما تعلّق في ذهنها من فهمٍ تارة، وبأحفادها وأبنائها تارة أخرى، حيث لم تكن تفوّت فرصة زيارتهم لها دون أن يدفعوا ضريبة الحضور لتعليمها أبجديّات اللّغة. واستحضرت محدّثتنا السنوات الأولى للدراسة، والابتسامة لا تفارق محيّاها، قائلة: ''كنّا نتصرّف مثل الأطفال، نتنافس لنيل ثناء معلّمتنا، نضحك على بعضنا في حال أخطأت إحدانا، توجد بيننا المتفوّقة والمتوسطة في مستواها''. ولم تخف أنّ التعليم في الصغر له نجاعته عكس الكبر، لاشتغال الفكر بأمور المسؤولية وكذا المرض. لكنّ النسوة أثبتن جدارتهنّ في حفظ القرآن الكريم بعد التحاقهنّ بالمساجد، بفضل التعليم الجيّد الذي يتلقّينه بصفوف محو الأمية، تضيف الحاجة زهور التي أعربت، في هذا السياق، عن سعادتها الفائقة لتمكّنها من حفظ حزبين من القرآن الكريم والقدرة على قراءته، رغم الظروف الصحية.
