حسم الرئيس المصري حسني مبارك بشكل قطعي قضية مرشح الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية الربيع القادم بعد أن أعلن خوضه لهذا الموعد عن عمر يناهز الثالثة والثمانين من العمر. وقال المكلف بالإعلام في الحزب الوطني الحاكم بلغة المتيقن انه لا توجد أية احتمالات لأن يغير الرئيس مبارك موقفه من هذا الترشح مستقبلا بما يؤكد رغبة الرئيس المصري لإعادة انتخابه لعهدة جديدة من ستة أعوام. وأضاف أن ''الرئيس محمد حسني مبارك قرر الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة استجابة لإرادة قيادة الحزب''. وكان اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في مصر قد أثار تكهنات كثيرة عما إذا كان مبارك البالغ 82 عاما والذي تربع على كرسي الرئاسة المصرية منذ عام 1981 سيرشح نفسه للانتخابات المقبلة بعد خمس ولايات متتالية خاصة وانه أصيب بعدة وعكات صحية متلاحقة وإجرائه شهر مارس الماضي لعملية جراحية دقيقة في ألمانيا رافقتها إشاعات في الشارع المصري حول وفاته ليتأكد بعدها انه تعافى بشكل جيد وقام بزيارات إلى الخارج. وأربك الإعلان عن ترشح الرئيس مبارك لخلافة نفسه المعارضة المصرية التي صعدت من وتيرة تحركاتها في الفترة الأخيرة رافعة شعار رفضها فكرة توريث الحكم لنجل الرئيس الأصغر جمال مبارك البالغ 46 عاما وبنت استراتيجية معارضتها للنظام المصري على هذه النقطة المركزية. وما انفكت شخصيات وأحزاب المعارضة تطرح سؤالا كبيرا حول فترة ما بعد مبارك خاصة وان هذا الأخير لم يكشف عن نواياه من عملية الترشيح وكان في آخر تصريح له حول الموضوع شهر ماي الماضي خلال زيارته إلى ايطاليا اكتفى بالقول أن ''الله وحده يعلم'' مما أبقى الغموض قائما واستمر معه الجدل. وبنت تشكيلات المعارضة المصرية تحركاتها الاحتجاجية في الفترة الأخيرة على أساس هذا التصريح الغامض وطالبت بضرورة إدخال تغييرات جذرية على القوانين الانتخابية حتى تكون لها كلمتها في المواعيد الانتخابية القادمة ومنها التشريعيات المقرر إجراء الدور الأول منها يوم 28 نوفمبر. وزاد انضمام محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى سباق التنافس الانتخابي وقيادته لحركة احتجاجية تحت عنوان ''التغيير'' من حدة الاحتجاجات في مصر التي تعيش على صفيح ساخن في ظل الغليان الذي تشهده الجبهة الاجتماعية بسبب غلاء المعيشة. ولكن النظام المصري لم يغير من مواقفه وأبقى الباب مغلقا أمام كل المحاولات الرامية الى تحرير الحياة السياسة والانتخابية من القيود المفروضة عليها والتي يمنع بموجبها ترشيح عديد الشخصيات وقادة الأحزاب السياسية للانتخابات الرئاسية. وتعددت قراءات المحللين السياسيين في مصر بشأن هذا الإعلان ورأى فيه البعض بأنه محاولة للتأكيد بأن الرئيس مبارك في صحة جيدة رغم سنه المتقدم بينما ذهب رأى آخر إلى القول أن الأمر جاد ويتعلق برغبة مبارك في الاستمرار في ممارسة السلطة وهو الذي يحكم البلاد منذ 30 عاما. غير أن وجهات نظر أخرى رأت في الإعلان محاولة من قبل الحزب الحاكم لتفادي فتح جبهة ضد الرئيس مبارك في الرئاسيات وذلك قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة. ومهما كانت القراءات فإن المؤكد أن الإعلان في مثل هذا الوقت بالتحديد الذي تستعد فيه مصر لإجراء الانتخابات التشريعية يؤدي بصورة تلقائية الى أن الرئيس المصري يكون قد حسم الانتخابات الرئاسية لصالحه وذلك بعد اقل من عام من إجرائها بفضل الحزب الوطني الذي احكم قبضته على الممارسة السياسية في مصر.