سجلت أسعار البترول نهاية الأسبوع مستويات قياسية متتالية بفعل استمرار تدهور سعر صرف الدولار وتلاقي مجموعة من العوامل الظرفية منها على وجه الخصوص تعطل إمدادات النفط جزئيا في خليج المكسيك ونيجيريا، حيث تجاوز سعر البرميل أمس الجمعة 116 دولارا بنيويورك· وكانت الأسعار بلغت ذروتها أول أمس الخميس حين بلغ مزيج برنت 113.38 لعقود جوان والخفيف الأمريكي 115.54 دولارا للبرميل لعقود جوان كذلك غداة نشر التقرير الأسبوعي حول حالة المخزون التجاري من النفط والمواد المكررة في الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي أظهر هبوطا في هذه المخزونات أكثر من المتوقع· وبقيت الأسعار قرب مستوياتها القياسية يوم الجمعة آخر أيام تعاملات الأسبوع· وقد أفاد التقرير الصادر عن إدارة الطاقة الأمريكية ان مخزون الخام الأمريكي انخفض 2.3 مليون برميل بحلول 11 أفريل الجاري كما انخفض المخزون الأمريكي العام للبترول 5 ملايين برميل· وقد أثارت هذه الأرقام قلقا حيال مخزون البنزين في السوق الأمريكي مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد ازدياد الطلب على المحروقات وهو ما انعكس على أسعار النفط· ويرى محللون أن تراجع مخزون البنزين في الولاياتالمتحدة يعود أساسا إلى أن المصافي الأمريكية لا تطلب إمدادات كبيرة من النفط هذه الأيام وتتردد في رفع الأتعاب التي تطلبها بسبب تباطؤ ملموس في الطلب في الولاياتالمتحدة·ووفق هذه المقاربة فإن الطلب الأمريكي سيبقي نزعة نزولية وهو ما يدعم ما تؤكده منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) حول وضع السوق والمخاوف من تراجع كبير في أداء الاقتصاد الأمريكي كما جاء في التقرير الشهري للمنظمة وكما أكده رئيسها السيد شكيب خليل الأسبوع الأخير · وكانت أوبك جددت تمسكها بموقفها الرافض للتحليل القائل بضرورة تدخلها لزيادة الإنتاج لكبح الأسعار وقالت في تقريرها الشهري الذي نشر في منتصف الأسبوع (الثلاثاء) إنها تضخ ما يكفي من النفط للوفاء بالطلب وأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي قد يفضي إلى استهلاك أضعف من المتوقع في الربع الثاني من العام· وقال التقرير الذي أعده خبراء الاقتصاد بمقر الأمانة العامة للمنظمة في فيينا "الصورة الأساسية في الربع الثاني من 2008 تبدو منسجمة مع النمط الموسمي المعتاد لهذا الوقت من السنة وإنتاج أوبك الحالي الذي يتجاوز 32 مليون برميل يوميا سيكون كافيا لتلبية نمو الطلب والمساهمة في زيادة المخزونات بدرجة أكبر" · وتتوقع أوبك تراجع الطلب العالمي على النفط 1.4 مليون برميل يوميا الى 85.7 مليون برميل يوميا في الربع الثاني عندما يتباطأ غالبا استهلاك النفط مع تراجع استخدام وقود التدفئة في نصف الكرة الأرضية الشمالي· ويفسر تقرير أوبك حركة الأسعار الجنونية الحالية بعدة أسباب وعوامل ومؤثرات مزمنة من بينها حالة القلق السائدة والناجمة عن انخفاض النمو الاقتصادي وتزايد المؤشرات التي تؤكد اتجاه الاقتصاد الأمريكي نحو المزيد من الضعف والركود وتدني الطلب العالمي على النفط الخام والغاز ووقود التدفئة بالإضافة إلى احتدام المضاربات الناجمة عن استمرار التوتر الناجم عن العوامل الجيو/سياسية في منطقة الشرق الأوسط· ويؤكد المحللون أن استمرار الدولار بضعفه الحالي في أسواق العملات سيبقى العامل الرئيسي الذي يساهم في رفع أسعار البترول لا سيما وأن هناك حركة استثمار كثيفة للأموال في مجال البترول· وفي انتظار أن تستعيد العملة الأمريكية عافيتها سيبقى تركيز المستثمرين على أسواق البترول وهو ما سيرفع الأسعار· رئيس منظمة أوبك السيد شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم كان شديد الوضوح في تفسيره لوضع السوق ودور أوبك في حديث أدلى به هذا الأسبوع لداو جونس نيوزويرس حين قال أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار هو استمرار تدهور الدولار· وأشار السيد خليل إلى أنه "سيكون كذبا" إذا قلنا للعالم انه إذا قمنا بزيادة إنتاج البترول فإن الأسعار ستنخفض، مستشهدا بقرار أوبك زيادة الإنتاج في سبتمبر من السنة الماضية بنصف مليون برميل يوميا ولم تسهم بتاتا في لجم الأسعار· واعتبر رئيس أوبك أن تحسن التوقعات الاقتصادية في الولاياتالمتحدة وتاليا تحسن الدولار من شأنها أن تسهم في تحسين أسعار البترول· ولكن السيد خليل يبدي كثيرا من التشاؤم بهذا الخصوص، ففي أعقاب بيانات تحذيرية عن التوقعات الاقتصادية من كل من صندوق النقد الدولي والاحتياطي الفيدرالي في الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي قال خليل "أن الانطباع لدينا هو أن الأمور ستزداد سوءا قبل أن تتحسن" · ويوضح الوزير "إذا عاد مؤشر الدولار إلى ما كان عليه قبل سنتين ستكون الأسعار اقل بكثير مما هي عليه اليوم ··· عند 55 دولارا إلى 60 دولارا للبرميل"· ويشدد السيد خليل على أن المسؤولية في التعامل مع الوضع الحالي في سوق البترول لا تقع فقط على المنتجين وأن حكومات البلدان المستوردة للبترول يمكن أن تفعل المزيد لمساعدة المستهلكين مثل تخفيض الضرائب على البنزين وغيره من المنتجات البترولية·