بلادنا من أكثر الدول تضييعا للأدمغة *** تعتبر الجزائر من أقل دول العالم استقطابا للكفاءات البشرية والمهارات حيث حلت في الرتبة 104 من أصل 109 دول يشملهم مؤشر مختص في المجال أصدره معهد اسنياد الفرنسي ويأتي هذا التصنيف المتدني في وقت تعجز فيه الحكومة عن وضع حد لهجرة آلاف (الأدمغة) الجزائرية صوب الخارج. احتلت الجزائر الرتبة 104 على مؤشر الدول الأكثر استقطاباً للكفاءات والمهارات العليا في الدراسة السنوية عن المؤشر العالمي للتنافسية التي أصدرها معهد اسنياد الفرنسي بالاشتراك مع مؤسسة ايدكو الدولية للتوظيف ومعهد الريادة في رأس المال البشري السنغافوري الذي يسبق في العادة اجتماعات منتدى دافوس الاقتصادي الشهير في سويسرا. ورغم اعتماد الحكومة على كم هائل من العمال والإطارات الأجنبية من جنسيات مختلفة على غرار الصين مصر فرنسا إسبانيا وبعض دول إفريقيا إلا أن تصنيفا سيّئا بهذا الشكل يفضح المستوى الحقيقي لهذه الإطارات المزعومة التي يتم تفضيلها على الكفاءات الوطنية وتتقاضى أجورا خيالية مقابل مشاريع فاشلة وأخرى مشبوهة. وأوضح ذات التقرير أن المنافسة الدولية الجديدة تتمحور اليوم أيضاً حول استقطاب الكفاءات البشرية والمهارات المتفوقة مثل استقطاب رؤوس الأموال أو الاستثمارات تماماً. وحلت سويسرا في المرتبة الأولى بين الدول في استقطاب المهارات والكفاءات المهنية من مختلف أنحاء العالم واللوكسمبورغ ثانية والولايات المتحدة ثانية. أما عن الدول الكبرى التي حلت في مراتب بعيدة نسبياً في هذا الترتيب الذي شمل 109 دول يُذكر كوريا الجنوبيةوالصين والهند وروسيا وإيطاليا وإسبانيا وغيرها من الدول الهامة التي احتلت مراتب متأخرة في استقطاب المهارات الأجنية للعمل والإبداع فيها. أما على مستوى المنطقة العربية وشمال إفريقيا وغرب آسيا وبعد الإمارات ثم قطر فجاءت السعودية في المرتبة 42 والكويت 51 والأردن 70 وتونس 73 ومصر 88 والمغرب 93 والجزائر في المرتبة 104. وبالتوازي مع عجز الجزائر عن استقطاب الكفاءات الأجنبية لم تفلح الحكومة في وضع حد لنزيف الأدمغة الجزائرية صوب الخارج. وفي السياق كشفت الرابطة الدولية للكفاءات الجزائرية بالخارج مؤخرا أن عدد (الأدمغة الجزائرية المهاجرة نحو الخارج) خلال السنوات الماضية قد فاق 200 ألف إطار هاجروا بسبب البيروقراطية والجو الاقتصادي المشحون. وذكر رئيس الرابطة الدولية للكفاءات الجزائرية بالخارج الدكتور محمد بن خروف أن عدد الكفاءات الجزائرية التي غادرت البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة يفوق بكثير عدد الذين هاجروا بسبب الظروف الأمنية لسنوات التسعينيات مؤكدا أن الجزائر منذ تلك الفترة إلى غاية الآن خسرت نحو 200 ألف (دماغ) يشغلون حاليا مناصب ومسؤوليات عليا بمؤسسات أجنبية كبرى لاسيما في مجال التعليم العالي والطب في دول أوروبا أمريكا وكندا. على صعيد آخر ينتقد مختصون نوعية التعليم في الجامعات والمعاهد الجزائرية ويتحدثون عن تخريج طلبة بدون أي مؤهلات وكفاءات تمكنها من ولوج عالم الشغل بيد أن التأهيل للعمل يشكل انشغالا لدى السلطات الجزائرية التي وضعت في الآونة الأخيرة سلسلة من الإجراءات لمواكبة التطورات المسجلة في عالم الشغل وتقريب الجامعة من المؤسسات الاقتصادية بغية إحداث تنسيق بين حاجيات الشغل والتكوين الجامعي.