يحتفظ المسار التاريخي للمرأة الجزائرية بسجل حافل من التضحيات والإسهامات في المجهود الوطني سواء خلال حرب التحرير الوطني أو مراحل البناء والتشييد ومقاومة فلول الإرهاب، بل منذ الأزل بدورها البارز في حماية عناصر الهوية والانتماء ومقاومة برامج المسخ والتدجين التي طبقتها الإدارة الاستعمارية وكانت المرأة وبالذات المتواجدة في أرياف بلادنا دوما بالمرصاد تذود عن الكرامة وتنمي ركائز الشخصية في الأجيال المتعاقبة متحدية الجهل التعليمي والإقصاء الاجتماعي والظلم الاقتصادية والاضطهاد البشري. ولا غرابة اليوم أن تركز الدولة جهودها باتجاه الأرياف والمناطق الداخلية لترجمة أهداف التنمية المادية والبشرية وجعل المرأة في قلب البرامج باعتبارها الحلقة المتينة في ضمان الانسجام الاجتماعي ومصدر للطاقات الكامنة باعثة روح العمل حولها من مكونات المجتمع ومتحملة مشاق الجغرافيا والزمن لا تبدو أي استعداد في التفريط في الانتماء مستمدة قوتها من بطولات أولئك النساء البطلات اللواتي كن في مقدمة قوافل الشهداء والمقاومين دفاعا عن الجزائر وشعبها مما يضعهن في قمة سلم التقدير ضمن المجموعة الوطنية. وبلا شك يذهب كل التقدير للنساء اللواتي شمرن على السواعد على ضعفها أو هشاشتها فيزيولوجيا والقوية والمتينة بما تحمله من غيرة وعزة يخدمن الأرض ويزرعن البساتين ويرعين الأسر مع الذود على منظومة القيم الجزائرية عبر أرجاء الجزائر بما فيها المرأة الترقية الصامدة في وجه المناخ وتباعد المسافات حاملة في أحضانها الهوية والانتماء في مواجهة ما تقذفه العولمة من مخاطر تستهدف في الأساس الشخصية الوطنية للأمم والشعوب التي تفتقر لعنصر المناعة بكل ما تعنيه من مفاهيم تتطور باستمرار. ويتطلب التزود بمناعة في مستوى درء مفاسد النظام العالمي الجديد الذي يدفع إلى عولمة الإنسان وتدمير الأسرة وتشتيت مراجعها من خلال الهجمة التكنولوجية القوية والتي يعد مقياس الجيل فيها في حدود ستة أشهر وهي مدة قياسية لنمو عنصر التكنولوجيا مقارنة بمقياس عمر الجيل للإنسان. ومن هذا الثابت في معادلة متغيرة باستمرار لا يمكن أن يكون النصف الآخر من المجتمع ورقة ابتزاز أو مزايدة ممن يتشدقون بملف حقوق الإنسان والحريات بل لا يمكن للمرأة القبول بأن تكون موضوع برامج أحزاب أو جمعيات انتهازية بينما هي المؤهلة لتسطير البرامج ووضع الجمعيات على المحك.