قضية القضايا ؛ فلسطين .. دولةٌ أو كيان أو سلطة فالتسمية غير مهمة مادامت الأممُالمتحدة تسيطر عليها الإدارة الأمريكية، المتوغلُ فيها لوبي صهيوني يسابق الزمن بسرعة ضوئية ليغَرف ما أمكنَ من مكاسب ومزايا لكيان محتل، عنصري، غاشم، وُلد ذليلا لكن سرعان ما اكتسب صفة " الدولة " ومتّكأُه رئيسٌ أمريكيُ القالب صهيوني الهوى، أشتغل عليه اللوبي الصهيوني في الحزب الجمهوري منذ عشرات السنوات ليصير رئيسا للولايات المتحدة و تكتمل به " صفقة القرن " . صفقة القرن التي هرعت إليها بعض الدول العربية مطبِّعة مع الكيان المحتل مقابل توفير الأمن لها ، قال عنها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أول أمس الأحد : لن نشارك و لن نبارك الهرولة نحو التطبيع مع إسرائيل و القضية الفلسطينية تبقى عندنا مقدسة. ليظل الموقف الجزائري الصلب ثابتا لا يتغيّر تحت كل الظروف و محاولات النيل ، و تستمر الجزائر الحضنُ الدافئ لقضية فلسطين في زمن تسويق مصير شعب و دولة و المتاجرة به لقاء توفير الحماية من خطر إيراني مفتعل ، ابتدعته كل إدارات البيت الأبيض لتخويف الخليج ثم لعب دور الإطفاء من قِبل ذات الإدارة و لعل الجميع يتذكر أن تل أبيب تربط أمنها القومي بتلجيم إيران . موقف الجزائر من القضية العادلة يأتي من استمرارها في احترام نفسها و ثورتها و تاريخها و مكانتها بين الأمم التي تحترم شخصيتها التي يعرف الجميع مميزاتها و هذا من ثوابتها التي لا تقبل بالمساومات مهما كانت مخزية و لا الصفقات مهما كانت مغرية. إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمّا أسماها "صفقة القرن" هي في حقيقة الأمر صفعة القرن لكل أمل في التسوية و حل الدولتين الذي وافق عليه الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة على حدود 67 وحل تام لقضية اللاجئين . وما اشتغل عليه العرب والمسلمون والانسانية قاطبة للتوصل إلى قبول حل الدولتين عادت دول التطبيع وأغمست رأسه في الوحل غير آبهة بشعب يئن تحت احتلال يفرض على الفلسطينيين أكبر سجن اسمه قطاع غزة ناهيك عمّا يعانيه الأسرى في غياهب السجون الصهيونية وقطع المساعدات القادمة من الخارج وغلق المعابر وترويع الأبرياء، فأين صفقة القرن من كل هذا وهل هذا هو فجر شرق أوسط جديد بمنظور أمريكو صهيوني !! فتح أبواب الخليج أمام الكيان الصهيوني ليس فيه تأمين للمنطقة من الخطر الإيراني كما تعتقد الدول التي وقّعت في انتظار أخرى على الطريق بقدر ما هو تمديد يد الكيان في مياه الخليج و إحالة الدويلات إلى قطعان هائمة في تطبيق سياسة الأذرع الإسرائيلية و إحكام السيطرة الأمريكو - صهيونية على منافد جيواستراتيجية غاية في الأهمية تحت غطاء توفير مظلة أمن للمنطقة. هذا التطبيع المذل الذي تروّج له الصحف الأمريكية و البريطانية بشكل لافت وما يسميه ترامب "فجر شرق أوسط جديد" بعد التطبيع مع الكيان المحتل هو نسف صريح لكل محاولات الحل ، المحاولات التي قبرتها الإدارة الأمريكية منذ الخطوات الأولى لترامب في البيت الأبيض بنقل سفارة بلاده سنة 2018 إلى القدس في ذكرى الاحتلال مخترقا كل مواثيق الأممالمتحدة و كأنّ القضية الفلسطينية قد صارت لعبة عيّال آل ترامب أو مجرد كعكة يُعطى الطرف الأكبر فيها لجاريد كوشنر اليهودي الأمريكي ، مهندس و مخطِط إطلاق يد العصابة في ذكرى الاحتلال و ترتيب زيارات ترامب للخليج و التطبيع فقد استطاع خدمة الكيان الصهيوني كما لم يفعل أحد من قبل و تضاهي "انجازاته" ما فعله هرتزل و بن غوريون و جوليا مائير .