بدأت مصالح الأمن المكلفة بالتعاطي مع المظاهرات والمسيرات المعبرة عن آراء بشكل سلمي، التراجع عن لغة العنف التي تأسفت لها أكثر من جهة في الداخل والخارج، وعلمت “الخبر” أن تعليمات من المدير العام الأمن الوطني عبد الغني هامل تقضي بالتخلي عن لغة التعنيف والاعتقالات غير المبررة في حق متظاهرين سلميين، لكن التعليمات الجديدة كانت نتاج تنديد واسع لاسيما من الاتحاد الأوربي الذي لم يستسغ المبررات المروج لها بشكل رسمي في الجزائر، وأبرزها بأن التظاهر في العاصمة ممنوع ويحتاج لترخيص مسبق. وشهد الأسبوع الماضي فقط دفاعا من المدير العام للأمن عن اعتقالات الشرطة للمتظاهرين، “قوات الأمن كانت مجبرة على القيام بعملها لتفريق اعتصام لم يكن مرخصا”، ومما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن اللواء عبد الغني هامل نفيه ممارسة مصالحه التعنيف ضد المحتجين قائلا “كل الذين تم توقيفهم جرى إطلاق سراحهم واستفادوا قبل ذلك وهم موقوفون من كشف طبي واستعمال الهاتف مثلما تنص عليه إجراءات القانون الجزائي”. لكن تجمع فريق من المحتجين السبت الماضي شهد تحولا نوعيا في تعاطي رجال الشرطة معهم رغم رفع المتظاهرين شعارا مناهضا للعهدة الرابعة، كما لم تتدخل قوات الشرطة لفض الاعتصام الذي نشأ حول المرشح المقصى من الرئاسيات رشيد نكاز في ساحة البريد المركزي، وقال مصدر جزائري مقرب من وزارة الخارجية إن تقارير كثيرة وتنديدات هائلة بلغت الوزارة، ويبدو أن صور الاعتقالات العنيفة قد فاجأت الرأي العام المحلي والدولي، على أساس غياب أي مبرر وراءها عدا تخمينات سياسيين اعتبروها حالة “تخبط” من النظام الرسمي المدافع عن عهدة رئاسية رابعة للرئيس. وقد صنفت منظمة العفو الدولية طريقة تعامل السلطات الجزائرية مع إحدى الوقفات الاحتجاجية ضد ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة ب “القمعية”، وذكرت المنظمة أن “تدخل قوات الأمن لتفريق الاحتجاج الذي شهدته الجزائر العاصمة مطلع شهر مارس الجاري “يشكل موجة جديدة من قمع الحريات والحق في التجمع وإنشاء الجمعيات”، واعتبرت “أمنيستي” موقف السلطة مع المتظاهرين السلميين “لا يبشر بالخير بالنسبة للانتخابات المزمع إجراؤها في أفريل القادم”. وعُلم أن تقريرا سيصدر في الساعات القليلة المقبلة عن الاتحاد الأوروبي يخص الجزائر، وقد أفرد التقرير وفق معطيات حصلت عليها “الخبر” حيزا كبيرا للممارسات القمعية للشرطة تجاه مظاهرات تعبر عن آراء، ويترقب موقف الشرطة من الاعتصامات التي دعت إليها “بركات” الأسبوع المقبل وأيضا التجمع المرتقب لتنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للرئاسيات في ساحة مقام الشهيد هذا الأربعاء، لمعرفة مدى جدية الشرطة في “لجم” ممارسات عناصرها. وفي سياق شبيه، وصف رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني التقرير الأخير لكتابة الدولة الأمريكية حول حقوق الإنسان في الجزائر ب “المبالغ فيه”، مؤكدا أن حرية التعبير وحق التظاهر “موجودان” في البلاد، وصرح للقناة الإذاعية الثالثة أن “هذا التقرير مبالغ فيه، فحرية التعبير موجودة في الجزائر، ربما ليست كاملة لكن موجودة”. وفيما يخص حق التظاهر، أكد قسنطيني أن “التظاهر ممنوع قانونا”، وأنه “يجب احترام القانون سواء كان جيدا أو سيئا أو غير عادل فالنظام العمومي هام”.