يطلق صالون الجزائر الدولي ال28 للكتاب لدورة 2025 برنامجا ثقافيا متنوّعا، يتوزّع على سبعة محاور رئيسية، منها المحور المتعلق بالآداب الذي يتضمّن أجندة ثرية بالندوات والفعاليات الفكرية تطرح بعض تجارب الكتابة، وتوجّهات الأدب الجزائري والعربي المعاصر، مع إبراز جانب الحوار الثقافي بين الأجيال والمشارب المختلفة. سطّرت الطبعة 28 من "سيلا برنامجا ثقافيا متنوّعا لتفتح أبواب طبعتها ال28 على فقرات تنهل من عمق التاريخ وتستشرف آفاق المستقبل. احتفاء خاص ببوجدرة واستحضار لميراث بن هدوقة ففي محور الآداب، يحتفي الصالون برمزين من رموز الأدب الجزائري وهما رشيد بوجدرة وعبد الحميد بن هدوقة، فبالنسبة لبوجدرة سيتم الاحتفال بستينية إبداعه أي منذ صدور أولى أعماله وهو ديوانه الشعري "من أجل إغلاق نوافذ الحلم" الصادر سنة 1965، بعدها انتقل بوجدرة للكتابة الروائية حين نشر رواية "التطليق" سنة 1969، ليصبح أحد أهم الكتّاب الجزائريين لفترة ما بعد الاستقلال. يعتبر بوجدرة الروائي الذي أثرى المشهد الأدبي الجزائري والعربي والعالمي بأعماله التي جدّد من خلالها الكتابة الروائية، كما يتجلى في روايات "ألف عام من الحنين" و«التفكك" و«الحلزون العنيد"، كما وقف بالمرصاد في وجه حملات التشويه التي استهدفت الشخصية الوطنية، ليقف بشرف تجاه الثوابت الوطنية، وبالتالي تنظّم هذه الندوة الأدبية اعترافا بمساره الإبداعي الثري (بحضوره)، وتكريمه بدرع شخصية المعرض. للإشارة، يتضمّن اللقاء، جلستين، الأولى بمشاركة أحمد شنيقي، نجاة خدة، عبد الكريم بن سليم، والثانية تكون مع لحسن كرومي وجمال فوغالي وإدريس بوديبة ويدير الجلسة الروائي محمد ساري. ضمن محور الآداب في صالون الكتاب لهذه السنة سيتم الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد الروائي عبد الحميد بن هدوقة (1925-2025) بشعار "كيف نقرأ بن هدوقة اليوم؟". بن هدوقة هو رائد الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية، وأعماله كانت صوتا لقضايا الإنسان الجزائري، علما أنّ بن هدوقة لم يكن مجرّد كاتب له موقف من قضايا التغيير والعدالة وحرية المرأة، بل كان محرّضا على التفكير الثوري خلال الحقبة الاستعمارية من أجل بناء مجتمع متنوّر ومتمسّك بقيمه. تأتي هذه الندوة اعترافا بدور بن هدوقة في تجذير الرواية في الواقع الجزائري الاجتماعي والسياسي، ورصده التحوّلات التي مرّت بها جزائر ما بعد الاستقلال، حيث عبّرت روايات "ريح الجنوب" و«الجازية والدراويش" و«نهاية الأمس" و«غدا يوم جديد" عن قدرة الرواية في تشكيل الوعي الوطني والتزام صاحبها بقضايا مجتمعه، وهي فرصة لإعادة قراءة إنتاجه الأدبي وتذكير الجيل الجديد بأنّ النجاح مرتبط بمدّ الجسور بين الماضي والحاضر. يشارك في ندوة بن هدوقة كل من واسيني الأعرج، السعيد بوطاجين، سامية إدريس، بختي ضيف الله وأنيس بن هدوقة. الرواية بمنظور فكري في محور الآداب دائما تخصّص ندوة عن "الرواية وسؤال الفكر"، وذلك من باب أنّ الرواية ليست مجرّد قراءة للتسلية العابرة، فهي في أكثر تجلياتها كثافة وفضاء لتجريب الفكر، ومختبر تنسج فيه الأسئلة الوجودية والفلسفية الكبرى، من سيرفانتس إلى فولكنر، ومن أبوليوس إلى كاتب ياسين، ولم يكتف كبار الروائيين بسرد الأحداث، بل منحوا الصوت للصراعات الداخلية، وللتصدّعات الجماعية ولمكامن البوح وتجليات الفكر في الحالة الإنسانية . الروائي يفكّر ويكتب بطريقته، فيقوم بمساءلة الإيديولوجيات وتفكيك اليقينيات وأحيانا يستشرف المستقبل، ومن خلال التخييل تقدّم الرواية نظرة نقدية عن الواقع وتكشف عن شروخه الخفية، الجلسة الأولى لهذه الندوة تكون بمشاركة عبد الوهاب عيساوي، غزلان هاشمي وبلعيد جفال، أما الثانية فسيشارك فيها معجب العدواني الزهراني من السعودية وأليخاندرو موريون من إسبانيا وطارق إمام من مصر وسيدير الندوة بلقاسم عيساني. عن الذاكرة وديار المهجر من الندوات أيضا هناك ندوة "سؤال الذات والذاكرة في أدب المهجر" وقد تمّ برمجتها حرصا على إبقاء الجسور مع نخبتنا الفاعلة في ديار الغربة، وللإجابة عن أهم الأسئلة التي تلخّص تجربة الكاتب في المهجر والمتعلّقة بالذات والذاكرة وتطرح أسئلة حول تجربته، وما هي التحديات التي يقاوم من خلالها الكاتب هاجس الانفصال والازدواج وصعوبة الاندماج؟، وعن آثار ذلك على الهوية والشعور بالانتماء في عالم مختلف؟ وكيف يكتب هذا الصراع، وكيف يسهم التخييل بعوالمه الثقافية المتنوّعة في تعميق الشعور باللاأمان؟ وهل استطاعت كتابة الذاكرة أن تؤسّس لوطنه رمزيا رغم الاغتراب؟. للإشارة، يلقي المداخلة الافتتاحية عبد القادر جمعي مع مشاركة بعض الضيوف وهم فضيلة الفاروق وأمال بوشارب وأرزقي مترف وإبراهيم بن يوسف من كندا بينما تدير الجلسة صبرينة فاطمي. الصحراء بكلّ سرديتها بالنسبة لندوة "تسريد الصحراء" فستطرح نوافذ أدبية جديدة، حيث لم تطرح فكرة حضور الصحراء في السرد الجزائري كموضوع لافت إلاّ بداية من الألفية الثالثة، رغم وجود تجارب سابقة لكتّاب جزائريين اتّخذوا من الصحراء موضوعا لإبداعاتهم، ويحسب لهذه التجارب الرائدة سبق الاكتشاف، كمولود معمري ومحمد ديب، ومالك حداد، ورشيد بوجدرة وعبد الحميد بن هدوقة والحبيب السايح وغيرهم. ومع تراكم النصوص السردية (رواية - قصة - رحلة) من أبناء الصحراء بدأت فكرة تسريد الصحراء، تطرح نفسها على النقّاد كظاهرة أدبية، تضفي على الأدب الجزائري تنوّعا وتفتح نوافذ جديدة تزيد من ثراء الثقافة الوطنية، وتسهم في التعريف بفضاءات مغايرة عما اعتادت عليه الرواية الجزائرية، وتروّج لقيم الثقافة الصحراوية، وتنفتح على البعد الإفريقي بكلّ حمولته التاريخية والثقافية والإبداعية لتؤكّد انتماء الرواية الجزائرية إلى الأدب الافريقي. ينشط الجلسة الأولى كلّ من جميلة طلباوي، عبد القادر مجبري، خيري بلخير، أحمد بوعافية، أما الجلسة الثانية فيشارك فيها كلّ من يوسف أو قاسم، عبد الله لبويز، ميلود ولد الصديق، أما التنشيط فسيكون مع حاج أحمد الصديق الزيواني. للشباب نصيب.. أما ندوة "الأدباء الشباب.. توجّهات جديدة في الإبداع" فتقف عند الاتجاهات الإبداعية الجديدة التي تؤدي دورا لافتا في تشكيل الفضاء الأدبي وتجديده، فكلّ نزعة تجديدية يستكشف من خلالها الكتّاب العالم المعاصر من جهة ويسائلون التاريخ من جهة أخرى، كما تسهم بشكل فعّال في إثراء المشهد الأدبي من خلال زعزعة نمط الكتابة التقليدية بجرأة، ومدّ جسور تتيح تداول المعارف وهكذا، تضمن هذه الاتجاهات حيوية خصبة للإبداع، وتدرجه بعمق في صيرورة الحداثة وتعتبر الكتابة بالمتغيرات الأمازيغية من بين هذه الاتجاهات الجديدة التي برزت في الفضاء الإبداعي الجزائري. في هذه الندوة يقدم الأدباء الشباب رؤاهم وتصوراتهم في التجريب والمساهمة في خلق ديناميكية إبداعية ذات أبعاد متنوّعة. وتنظم هذه الندوة من خلال جلستين، بالنظر لأهمية الموضوع، حيث تتمحور الجلسة الأولى مع غزلان تواتي، محمد أيمن حمادي، علي ميموني محمد قمامة، محمد بلال كمون حول هذه التوجهات الجديدة في الكتابة الإبداعية، بينما تتناول الثانية مع سالم بن رمضان رزيقة هنية، ليزا سيريق مسألة الكتابة بالمتغيرات الامازيغية، وسيدير الجلسة إبراهيم تزاغارت. من الندوات أيضا هناك ندوة بعنوان "سؤال المحلية في الرواية" أو كيف تصبح الرواية محلية؟ هل لأنّ أحداثها تدور في مكان ضيّق؟ أم لأنّها كتبت بلغة مشبّعة بلهجة لها خصوصياتها المحلية، وهل المحلية هي القدرة الخارقة على الالتصاق بجغرافيا محدّدة حتى تبدو الشخصيات وكأنّها لا يمكن أن توجد إلاّ هناك، فيتلك القرية، أو في الزقاق أو في الزاوية التي يعرفها الكاتب بحدسه قبل معرفته لها بمعايشته؟، ومن المشاركين منصورة عز الدين (مصر)، أروا مورينو (اسبانيا)، نجوى بن شتوان (ليبيا)، محمد رحال، أحميدة العياشي ويدير الجلسة محمد كاديك. الرموز الوطنية في أدب الطفل ندوة "الرموز الوطنية في أدب الطفل" تطرح مسؤولية الكتابة للأطفال والتي تتطلّب استراتيجية تتماشى وقدرات الطفل الذهنية والنفسية، وتتأكّد هذه المهمة في كتابة الرموز الوطنية لتعريف الأطفال بها، الأمر الذي يتطلّب جهودا مضافة من الكاتب، يقوم على التقريب والتبسيط والعمق في الوقت نفسه، وذلك من أجل تحقيق الإمتاع والإفادة ومراعاة لطاقات الطفل الاستيعابية وميولاته القيمية والوجدانية، وفي هذه الندوة يناقش المشاركون طبيعة هذه الاستراتيجيات والأهداف من أجل كتابة الرموز الوطنية، يرى فيها الأطفال الشجاعة والمعاني الجميلة وتربيهم على حب الوطن وتقدير الذين ضحوا من أجله. وتقدّم المداخلة افتتاحية زبيدة معامرية بمشاركة خيرة بوخاري، سعيد يحيى بوهون، سليم دحدوح. ويدير الجلسة السعيد بن زرقة. الشعر.. سيد الأمسيات يعدّ الشعر ركنا قارا في كلّ دورات "سيلا" وبالتالي ستقام ندوة عن "راهن الشعر العربي" لمناقشة واقع الإبداع الشعري العربي وآفاقه الجديدة ومرافقته لقضايا الإنسان المتشعبة واكتساحاته الراهنة لمواطن الفن والجمال. توفّر الندوة مجالا واسعا للنقاش الجاد وتدارس أحوال الشعرية العربية في حاضرها من جوانب عدة، ومن المشاركين بدرية البدري (سلطنة عمان)، يسرى بيطار (لبنان)، خالد سليمان الناصري (فلسطين (إيطاليا) وبسمة شيخو (سوريا)، سمح محجوب (مصر)، عصام السعدي (الأردن)، هود الأماني (ليبيا)، خيرة حمر العين )الجزائر) وسارة حامد حواس (مصر)، يدير الجلسة كريم جدي. كما يفتح الصالون الدولي للكتاب أبوابه لشعراء الجزائر الذين تزهو بهم منابر الإبداع، وذلك من خلال أمسيات شعرية ومن ضمن هؤلاء عبد القادر مكاريا ومبروك بن نوي وعادل صياد وعبد الوهاب زيد وكريمة مختاري وغيرهم، علما أنّ الشعراء يوزّعون على 7 أمسيات مرفقة بمعزوفات موسيقية (أحمد وحيد صابر بورنان) مع تخصيص أمسيتين لفلسطين من تنشيط سمية معاشي. للإشارة، تبرمج أمسية شعرية جزائرية موريتانية "أصوات الملايين" مع جاكيتي الشيخ ساك، والقاضي محمد عينينا من موريتانيا وعبد الله حمادي وسليمان جوادي وابراهيم صديقي وعاشور فني ولخضر بركة من الجزائر. وتعرف الأمسية الشعرية العربية مشاركة بدرية البدري من سلطنة عمان ويسرى بيطار من لبنان وخالد سليمان الناصري من فلسطين وعادل المعيزي من تونس وأحمد الشهاوي من مصر وحسن الربيعي من العراق وغيرهم.