تفرض الدبلوماسية الجزائرية منطقها في الساحل بحنكتها وتجربتها المنفردة من نوعها والمتجذرة في عمق تاريخ الثورة النوفمبرية ومبادئها بعدم التدخل العسكري وتفضيل الحل السياسي في منطقة ملغمة بأسلحة تتدفق من الغرب بغرض إبقاء التوتر الدائم في المنطقة. وتحاول الجزائر بكل ما أوتيت من جهد سياسي ودبلوماسي، العمل على الوصول إلى حل سواء تعلّق الأمر بليبيا أو مالي، هذين البلدين اللذان تشتعل نيران الحرب الأهلية داخلهما برغم جهود الأممالمتحدة للوصول إلى حل توافقي يرضي كل الأطراف إلا أنه لا حياة لمن تنادي أمام تعنّت كل الأطراف من جهة وسعي عديد الدول الغربية إلى إبقاء المنطقة مشتعلة لخدمة مصالحها الداخلية والخارجية على حد سواء. ولا تكاد جولات وزير الخارجية، صبري بوقادوم، المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تنتهي حتى تبدأ أخرى بين مالي، ليبيا والنيجر للوصول إلى حل توافقي يرضي الأطراف المتنازعة على وقف السلاح والجلوس لطاولة الحوار، والوصول إلى حل خاصة في مالي، والتي أكّد، بشأنها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في آخر تصريح متلفز له، أن الجزائر تتمسّك بالمشاركة في تنفيذ أيّ حل سياسي للأزمة الليبية، مشدداً على أن الأزمة السياسية الجديدة في الجارة الجنوبية مالي، عقب الانقلاب العسكري، تتجه إلى آلية حلّ اقترحتها الجزائر. * منطق السلم مشدّدا، في ذات السياق، أن "الجزائر لن تقبل إقصاءها عن تنفيذ أيّ حل سياسي للأزمة الليبية، بحكم الجوار الجغرافي الذي يمتد إلى ألف كيلومتر بين البلدين"، مضيفاً أنه "في حال عدم إشراكنا في الحل، فإن الجزائر ستتحمل مسؤولياتها"، مؤكداً أن "الجزائر تتعاطى بإيجابية مع كل مبادرات الحل، لكنها لن تقبل بأيّ حال أيّ تلاعب بأمن الليبيين وسيادتهم ووحدتهم". أما، بشأن أزمة سياسية أخرى على الحدود الجنوبية للبلاد، في الجارة مالي، كشف الرئيس تبون عن أن "الجزائر تلعب دوراً فاعلاً في حل الأزمة السياسية الأخيرة التي نتجت من الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس أبو بكر كايتا"، وأضاف، "كانت بحوزتنا مؤشرات على أن الجيش هناك يحضّر للتحرك، واستقالة الرئيس المالي مع حلّ البرلمان فرضا المجلس العسكري حاكماً على البلاد"، موضحاً أن "الحل في مالي سيكون جزائرياً بنسبة 90 في المائة عبر رئيس مدني. نحن الامتداد الطبيعي للشقيقة مالي، ما يبرر زيارتَي وزير الخارجية بوقادوم لباماكو، ولهذا اقترحنا عليهم ألا تتجاوز فترة الحكم الانتقالي سنة ونصف سنة، وشددنا عليهم بأن الرئيس المقبل يجب أن يكون مدنياً، مع حتمية التزام اتفاقية الجزائر في التعاطي مع الوضع في الشمال". هذه التصريحات، تبرز حرص الجزائر على فرض منطقها في مالي وليبيا بأن يكون حلا جزائريا بنسبة تسعين بالمائة مع ضرورة أن يكون حلا سياسيا.