بقلم: محمد قروش إذا كان من حقّ الإنسان أن يعيش في كنف الحرّية والعدالة والمساواة وفق ما تضمنه له الشرائع السماوية والإنسانية والقانونية فإن هذا الموضوع أصبح مطية لممارسة الابتزاز من قِبل كثير من الدول التي تدّعي الديمقراطية من خلال بعض المنظّمات الدولية مثل (منظّمة العفو الدولية وهيومن رايتس) التي أصبحت تجانب الحقيقة في كثير من تقاريرها وتتعامل بطرق الكيل بمكيالين مع كثير من البلدان، خاصّة دول العالم الثالث. هكذا أصبح موضوع الدفاع عن حقوق الإنسان مجالا مطاطا تستعمله الدول الكبرى والمنظّمات التابعة لها من أجل تحقيق كثير من الأهداف عن طريق ممارسة الابتزاز السياسي والاقتصادي تحت شعار حماية الحقوق والمساواة والعدالة والدفاع عن حقوق الطفل والمرأة والجمعيات من خلال تقديم تقارير مغلوطة تركّز على مظاهر سلبية مبالغ فيها من أجل تسويد صورة بعض البلدان وتجاهل دول أخرى، وهو الأمر الذي يشكّك في مصداقية هذه التقارير ويدعو إلى التساؤل عن مغزاها الحقيقي. إذا نظرنا إلى كثير من ملاحظات هذه المنظّمات نجدها مرتبطة بتوجّهات فكرية وإيديولوجبة لا تتماشى في أغلبها مع كثير من الدول العربية والإسلامية ومنها الجزائر، حيث تركّز هذه المنظّمات على إشكالية الحرّيات الدينية في العالم الإسلامي وتشجيع الديانات الأخرى والدفاع عن الطائفية والعرقية ومحاولة فرض جمعيات ومنظّمات مشبوهة مثل تشجيع الشواذ والدفاع عن حرّية المرأة دون حدود ودون مراعاة تقاليد المجتمعات الإسلامية ومعتقداتها، وحتى مفهوم الحرّيات السياسية الذي تتشدّق به هذه المنظّمات هو مفهوم لا يراعي واقع البلدان المختلفة ووحدة شعوبها وهو أقرب إلى الفوضى وتشجيع الانقسام والتقاتل باسم الحرّيات. إذا علمنا بأن هذه المنظّمات تموّلها الدول الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي فإننا نتساءل هل هذه الدول حريصة فعلا على حقوق الإنسان في إفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاّتينية لأجل أن تنفق أموالا طائلة لإعداد دراسات وتقارير عن واقع هذه الدول؟ ولماذا تتغاضى هذه المنظّمات عمّا يحدث في أوروبا وأمريكا وإسرائيل من جرائم حقيقية؟ إن الإجابة عن هذه التساؤلات تجعلنا ندرك أن هناك كثيرا من الأهداف والأجندات السياسية والاستراتيجية التي يحاول الغرب تحقيقها من خلال ورقة حقوق الإنسان التي يخرجها في كلّ مناسبة للضغط على كثير من الدول وابتزازها من أجل الرضوخ لسياساته التي لن تكون في النّهاية في صالح هذه البلدان.