الإصلاحات التنظيمية والهيكلية حققت النقلة الاقتصادية النوعية الإنتاج المحلي يحقق التوازنات المالية ويفك الخناق عن الخزينة العمومية تعيش الجزائر نهاية سنة 2023، ولأول مرة منذ استقلالها، حدثا اقتصاديا تاريخيا، وصفه رئيس الجمهورية ب«المعجزة"، حيث ستبلغ صادراتها خارج المحروقات 13 مليار دولار، وهو ما يعادل 5 أضعاف ما تم تحقيقه منذ الاستقلال، لتضع الإصلاحات التنظيمية والهيكلية المتكاملة وسلسلة القوانين الجديدة التي أقرها رئيس الجمهورية، حدّا لأزمنة من الركود الاقتصادي، وتبرهن على زيف الحجج الباطلة التي تبرر للتقاعس والتواكل، حيث ربط رئيس الجمهورية، بصرامة وروح ثورة نوفمبر المجيد، تحقيق الأهداف المسطرة بالرزنامة الزمنية المخصصة لها، فكانت 13 مليار دولار، ثمرة تواجد المنتوج المحلي في الأسواق الخارجية، عبر منظومة دبلوماسية وتنظيمية لوجيستية، شكلت معبرا مفتوحا على مصراعيه إلى العالمية. فمن منطقة التجارة الحرة الإفريقية، إلى منطقة التبادل الحر العربي إلى "بريكس".. يجول المنتج المحلي الجزائري ويصول عبر العالم بتأشيرة التميز والجودة. وقف رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، إسماعيل حمروني في اتصال مع "الشعب"، عند ما تم تحقيقه اليوم من أرقام في مجال الصادرات خارج المحروقات التي وصفها رئيس الجمهورية ب«المعجزة"، من زاوية المقارنة بين "ما كان وما تحقق"، حيث تحولت الجزائر من دولة تعتمد على عائدات البترول إلى دولة تمكنت من تحقيق اكتفائها الذاتي، وتلبية حاجيات السوق المحلية فيما يتعلق بالعديد من المنتجات، في ظرف لا يتعدى ثلاث سنوات عرفت الجزائر خلالها ثورة من الإصلاحات شملت جميع مجالات الحياة، نظرا للترابط الوطيد والعلاقة التكاملية التي تربط جميع القطاعات، حيث يرى إسماعيل حمروني أن الحركية التي عرفها الاقتصاد الوطني في الآونة الأخيرة، وإعادة بعث النشاط الاقتصادي في العديد من القطاعات الحساسة على غرار الصناعات الميكانيكية، التحويلية البتروكيماويات، من خلال رفع العراقيل عن مشاريع كانت متوقفة منذ سنوات، بوتيرة وصلت إلى 120% - حسب الأرقام المعلن عنها من طرف الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار- قد أعاد لمؤشرات الاقتصاد الوطني لونها الأخضر، وأبعدها عن منطقة خطر اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. 200 مليون دولار صادرات المؤسسات الناشئة.. وفي سياق متصل، قال المتحدث إن المنحنى التصاعدي الذي عرفته صادرات البلاد والأرقام الايجابية التي يتم الإعلان عنها، جعلت من موعد عرض الحصيلة المالية السنوية للبلاد على مستوى البرلمان، موعدا للاعتزاز والافتخار بما تم تحقيقه في سابقة منذ الاستقلال. واعتبر حمروني أن استعادة ثقة المتعامل الاقتصادي المحلي وتحفيزه على استئناف نشاطاته الاستثمارية من خلال رفع العراقيل عنها، وتحقيق الأمان الاقتصادي من خلال تكريس الشفافية عبر الشباك الموحد للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات ولجنة الطعون على مستوى رئاسة الجمهورية وكذا استحداث المحافظة السامية للرقمنة من أجل تكريس مشروع الرقمنة الكلية للبيانات والمعطيات الوطنية مما سيسمح بإعطاء صورة أدق وأوضح عن المشهد الاقتصادي بالبلاد وقطع الطريق أمام محاولات الغش والتلاعب، كان أهم الانجازات التي هيأت سكة قطار الإقلاع الاقتصادي. واستعرض حمروني باعتزاز واطمئنان كبير مستقبل الجزائر الاقتصادي، عن حصيلة الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات، ونسب مساهمة كل من قطاعات الصناعة، الفلاحة والسياحة في الناتج الخام المحلي، حيث ارتفعت قيمتها من 5 ملايير دولار سنة 2021، إلى 7 ملايير دولار سنة 2022، لتقفز إلى 13 مليار دولار متوقعة نهاية 2023، كان للمؤسسات الناشئة حصة جد مشجعة عن مساهمة الشباب في تحقيق أهداف المقاربة الجديدة للاقتصاد الوطني التي يعتبر الشباب أحد روافدها المعول عليها، حيث بلغت قيمة صادرات المؤسسات الناشئة، حسب ما صرح به رئيس الجمهورية خلال لقائه الدوري الأخير بالصحافة الوطنية، 200 مليون دولار. ما يعتبر انطلاقة جد مشجعة، تضاف إلى رصيد الانجازات التي حققها الاقتصاد الوطني، من نسبة نمو تقدر ب3.2% سنة 2022 أين حققت القطاعات خارج المحروقات نمواً سريعاً بلغ 4.3%، مقابل 2.3% سنة 2022. في حين بلغ الميزان التجاري 9.5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، مما انعكس على احتياطي الصرف الذي بلغ لأول مرة 61.7 مليار دولار نهاية عام 2022، ما يعادل قيمة واردات 15 شهرًا. خبراء ومتعاملون اقتصاديون.. جهود كبيرة من جهة أخرى، تطرق المتحدث إلى جملة الإصلاحات النقدية والمصرفية التي طالت القطاع البنكي والمصرفي الذي أصبح يعاني من نقائص وجب تداركها تماشيا ومعطيات المرحلة الجديدة من تاريخ الاقتصاد الوطني، كتكملة لسلسلة الإجراءات المحفزة لعملية التصدير والرفع من جاذبية الاستثمارات الأجنبية، بالاعتماد على نقاط القوة التي تعرفها الجزائر حاليا، بما فيها قانون الاستثمار الجديد 18/22 الذي أعلن عن عهد استثماري ورؤية استشرافية جديدة، لتصحيح الاختلالات المسجلة، وتشجيع الشفافية وعصرنة الهياكل والمنشآت، من أجل تحرير الاقتصاد الوطني من الريع والركود والاحتكار. كما دعا إلى إشراك الخبراء الاقتصاديين والمتعاملين الاقتصاديين وإطارات الدولة من أجل العمل سويا والعمل لوقف النزيف المالي الذي تعرضت له الخزينة العمومية وسد ما أمكن من الثغرات المالية التي تسبب فيها، مشددا على ضرورة الانضواء ضمن مسعى رئيس الجمهورية في وضع إستراتيجية اقتصادية واجتماعية حديثة وواضحة، بالتعاون مع الشركاء الاقتصاديين وفاعلين، مما يجعل النتائج تتحقق والاقتصاد ينتعش. الأرقام المحققة تعد استثنائية، وسابقة في تاريخ الجزائر المستقلة - يقول حمروني - سيكون لها أثرها في تحقيق التوازنات الكبرى واستقرار الأسعار وإنعاش السوق المحلية. أرقام مرشحة للمزيد من الارتفاع من خلال تجسيد مخطط على المدى البعيد والمتوسط لدعم النمو الاقتصادي وإعادة تنشيط الحلقات الإنتاجية وسلاسل التوريد، وتنفيذ الإصلاحات التي باشرت بها السلطات العمومية من أجل الحفاظ على الحركية والديناميكية التي تولدت عن برنامج الدعم الفلاحي، وبرنامج الإنعاش الاقتصادي، لتتمكن الجزائر اليوم - يستطرد المتحدث - من تحقيق النقلة النوعية من اقتصاد يعتمد على المحروقات إلى اقتصاد متنوع ومتحرر، مما سيؤدي إلى تحقيق التنمية المستدامة وبعث القطاعات المنتجة بما فيها الفلاحة. في هذا الصدد، كان وزير الخارجية أحمد عطاف قد اغتنم فرصة تواجده بالولايات المتحدةالأمريكية، بدعوة من نظيره الأمريكي، ليدعو الشركات الأمريكية الكبرى للاستثمار في المجال الفلاحي بالجزائر، خاصة وأن المنتجات الفلاحية والصناعات التحويلية الغذائية، كالتمور والطماطم وزيت الزيتون، قد تمكنت من حجز مكانتها بالأسواق العالمية، لاستجابتها لمعايير الجودة العالمية. من اقتصاد الريع إلى الاقتصاد المنتج من الركود والريع إلى التنوع والعالمية، شق الاقتصاد الوطني في فترة وجيزة خطوات عملاقة، مكنت من تنويع الصادرات خارج المحروقات، وتقليص فاتورة الإيرادات وإنعاش الخزينة العمومية التي تمكنت اليوم من تمويل مشاريع إنتاجية ضخمة وتخصيص ميزانيات معتبرة للاستثمار في القطاعات المهمة بما فيها القطاع الفلاحي، أضاف رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، مما سيسمح بكبح التضخم والتحكم في الكتلة النقدية، لتحصل اليوم الحكومة على العلامة الكاملة من حيث الأداء والاستشراف وكذا النجاح في الوصول بالمنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية، في استجابة حكيمة وجريئة للمتغيرات السياسية والاقتصادية التي تفرض عليها اليوم الدخول في تفاعل مع اقتصاديات أخرى تحكمها تكتلات قطبية، سيكون للجزائر نصيب منها في حال انضمامها إلى مجموعة "بريكس" التي تهدف أساسا إلى تحقيق التوازنات القطبية والتقليص من هيمنة الدولار الأمريكي. واغتنم حمروني الفرصة ليثمن مساعي رئيس الجمهورية من أجل تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية قوامها تشجيع الإنتاج المحلي وتمتين دعائم الاقتصاد الوطني من خلال قرارات جريئة، تؤمن بعزيمة المتعاملين الاقتصاديين ووطنيتهم، وتتبنى أفكار الشباب بتحويلها إلى مشاريع مبتكرة، لها نصيبها من المنظومة التصديرية.