انتشرت مؤخرا ثقافة ”البيك نيك” عند سكان مدينة الجزائر، ورغم أنها تفتقد لوكالات خاصة إلا أن المبادرة استحسنها الكثيرون ووجدت لها صدى. لأن الهدف منها هو الاستلقاء على بطانية والاستمتاع بأشعة الشمس رفقة العائلة، خاصة وأن عامل الأمن والاستقرار ألقى بظلاله على الجزائريين. لم يجد العاصميون بديلا عن المساحات الخضراء للخروج من ضغوطات العمل اليومية وغيرها، خاصة بعد التوسع العمراني الذي التهم كثيرا من الأخضر واليابس، لتبقى ضواحي العاصمة المفر الوحيد نهاية الأسبوع وأيام العطل الشتوية والربيعية. وإن كانت ثقافة ”البيك نيك” حديثة العهد من ناحية التسمية إلا أنها كانت عادة من عادات الجزائريين قبل سنوات التسعينات، أين كانت غابة ”بوشاوي”،”باينام”، ”القبة”، ناحية ”الأبيار” المعروفة حاليا ب”جنان الميثاق” المتنفس الدائم لسكان العاصمة في جو عائلي دون الاعتماد على السيارة، حينها كانت غابات العاصمة سرحا اجتماعيا وترويحا عن ضيق النفس خاصة لدى العائلات الكبيرة التي تقطن الشقق. وربما كان السبب وراء عدم حيرة البعض من أزمة السكن مثل الوقت الحالي. ينتشر ”البيك نيك” مؤخرا على مستوى منتزه ”الصابلات” بحسين داي، بفضل تهيئته، كذلك المساحات الخضراء المتواجدة في اسطاوالي، سيدي فرج، بن عكنون، زرالدة، ليمتد ”البيك نيك” إلى غاية تيبازة التي تتمتع بجمال طبيعي أخّذ. كما أن العائلات تعتمد ذلك من خلال بسط عدد من البطانيات والاستلقاء للاستمتاع بأشعة الشمس خاصة وأن تغير المناخ جعلنا نستمتع بها حتى في عز الشتوية، كما أن مثل هذه المغامرة فرصة للرضع وكبار السن، كذلك المصابون بأمراض تلزمهم المكوث في البيت لغياب ساحات وحدائق بأغلب الأحياء السكنية الجديدة، فالحاضرون يمثلون جميع الأعمار، إلى جانب إحضار الحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط والطيور، ليعطينا هذا المشهد صورة تعكس واقعا يملؤه الأمن والاستقرار، ناهيك عن تبادل المأكولات المنزلية بين المجموعات التي تجاور بعضها، لتتعرف النسوة على بعضهن البعض ويتشارك الأطفال اللعب من خلال ألعابهم التي أحضروها. في حين أن ”البيك نيك” له وكالات خاصة تعلن عن يوم الحدث، لتختار الوكالة المنظمة مكانا يوفر استغلال رؤية المناظر الطبيعية، إلى جانب الهدوء والسكينة، كما توفر الوكالة نفسها البطانيات ومحلات الأكل السريع وغيرها من الخدمات، ليدفع كل شخص مبلغا ماليا مقابل ذلك، لكن تبقى هذه الخدمات غير سارية المفعول في بلدنا، لأن الجزائريين يعتمدون على مستلزماتهم الخاصة حتى في شواطئ البحر نظرا لغلاء الأسعار. تعتمد بعض الدول العربية على وكالات لتنظيم ”البيك نيك” مثل لبنان التي أطلقت المبادرة لأول مرة العام الفارط، لكنها تجسد في الجزائر بفضل مبادرات عائلية محتشمة، فمتى ستتكفل الوكالات بتنشيط مثل هذه الأنشطة التي تجعل الجزائريين أكثر حيوية وسعادة؟