صفحات الفيسبوك تنافس الهزّات الارتدادية في زرع الرّعب

ولايات بجاية، جيجل وسكيكدة الأكثر تضرّرا
تحوّلت أخبار الهزات الأرضية المتتالية محور حديث سكان ولايات الشرق البلاد، فمنذ أن استيقظوا على وقع هزة أرضية قوية بلغت قوتها 9 ، 5 على مقياس ريشتر، والتي حدّد مركزها على بعد 30 كيلومترا شمال شرق كاب كاربون بمدينة بجاية، لم تتوقّف مخاوف هؤلاء خاصة القاطنين منهم داخل بيوت هشّة لتكون النقطة التي أفاضت الكأس، فيما تعلق بسكان البنايات القديمة التي كانت بعيدة عن اهتمام السلطات المحلية، حيث خرجوا للتنديد بوضعيتهم.
بعد أن لاحت في الأفق بوادر عودة الحياة إلى طبيعتها العادية جراء جائحة «كوفيد-19»، ها هي الهزّة الأرضية تفرض منطقها هي الأخرى بإلغاء النّشاطات والمواعيد الرياضية، المبرمجة بالولاية بجاية بسبب خطر عودة الزلزال، وذلك بقرار من السلطات المحلية.
وقرّرت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف غلق خمسة مساجد كائنة بمدينة بجاية على غرار مسجد عبد الحميد بن باديس ومسجد الرحمة ومسجد الرحمان ومسجد سيدي والي ومسجد سيدي الموهوب، وذلك كإجراء إحترازي جراء التشققات التي مستها، في انتظار نتائج الفحص التقني الذي باشره التقنيون.
نفس الأمر يتعلق بمديرية الخدمات الجامعية بالولاية، التي أعلنت هي الأخرى تأجيل فتح الإقامات الجامعية أمام الطلبة إلى غاية 27 مارس الجاري، كما أعلنت إدارة جامعة بجاية تأجيل الدراسة وكل الأنشطة البيداغوجية إلى غاية يوم 28 مارس، وكذا تأجيل مسابقة الدكتوراه إلى يومي 27 مارس و5 أفريل، ناهيك عن وضعية بعض المدارس الإبتدائية، التي سوف يعاد تأهيلها ما استدعى غلقها أمام التلاميذ لبضعة أيام.
تخوّف من تعطّل الدّراسة
أعلن وزير السكن خلال زيارته، الشروع في إعادة ترميم البنايات والمدارس المتضررّة جرّاء الزلزال، مؤكّدا أنه سيتم استغلال 3 أيام المتبقية من العطلة المدرسية، لتصليح المؤسسات وإعادة تهيئتها.
من جهته وزير الداخلية، شدّد على ضرورة التّعجيل في أشغال الترميم في المؤسسات التربوية المتضررة، حيث أمر المؤسسات المكلفة بالأشغال بالعمل 24/24 ساعة، إلاّ أنّ رأي المواطن كان مخالفا، حيث اختار الخروج للشارع ليفضح تقاعس وتأخر المنتخبين المحليين في تأهيل المدارس على الخصوص، وغياب المنتخبين طوال أيام العهدة الانتخابية، وترك المواطنين في معاناة مستمرة، دون الاهتمام بالمطالب التي يرفعونها والنظر في وضعيتهم المعيشية الكارثية داخل سكنات أكل عليها الدهر وشرب.
وكشفت مصادر محلية، عن تسجيل أضرار مادية في 17 مدرسة، على مستويات مختلفة، حيث تضرّرت الجدران والنوافذ والأسقف وتعرّضت لتشققات كبيرة جراء الزلزال، وقام على إثرها مهندسون في الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء، بزيارة هذه المدارس لتقييم مدى الضرر من أجل إتخاذ القرارات المناسبة للسماح بإعادة تأهيل هذه المدارس في أقرب وقت ممكن.
وأكّد المهندسون في التقارير المدونة عن استحالة استئناف الدروس في تاريخها المحدد نظرا للضرر الكبير الذي خلفه الزلزال بالمدارس.
300 مرفق عمومي وبناية متضرّرة ببجاية
أحصت الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء، أكثر من 300 مرفق عمومي وبناية جماعية وخاصة تضررت من الزلزال الذي ضرب ولاية بجاية صبيحة الخميس الماضي، فمنذ تسجيل الهزة الأرضية، قامت الهيئة بنشر 35 فرقة للمهندسين لمعاينة الأضرار، مع الإشارة الى أن البنايات المصنفة في الخانة الحمراء قليلة جداً، ويتعلق الأمر بالسكنات القديمة والهشة، أما المرافق العمومية فقد تعرضت لأضرار خفيفة، حسب ذات الهيئة.
وأوضحت مصالح الحماية المدنية، أنّه تمّ تسجيل بعض حالات الهلع وسط السكان وخروجهم من المنازل وتشقّقات في بعض السكنات، كما قام أعوان الحماية المدنية بإسعاف وإجلاء 04 أشخاص مصابين بجروح خفيفة و8 آخرين تعرضوا لصدمة نفسية إلى مستشفى بجاية، بالإضافة الى تسجيل إنهيار جزئي لثلاثة منازل قديمة خالية من السكان بأعالي بجاية، دون تسجيل أي إصابات.
أما بحي الصغير ببلدية بجاية تمّ تسجيل تشقق سلالم بنايتين، دون تسجيل إصابات، وبنهج بوعينة تم تسجيل إنهيار جزئي لشرفة منزل كائن بالطابق الرابع لبناية دون إصابات.
تدهور وضعية المدينة بسبب غياب المنتخبين
الكثير من العارفين بوضعية مدينة «عاصمة الحماديين»، قالوا إنها صمدت أمام زلزال قوي، لاسيما وأنّ نسيجها العمراني هش، لم تجد من يعتني بها، رغم نداءات أطياف المجتمع المدني، في كل مناسبة، الأمر الذي أكّده المتضرّرون من الهزة الأرضية، التي أدت إلى تصدعات في الجدران، وهوت بأجزاء من الأسقف من بنايات قديمة.
ولم تكن الهزة الأرضية، إلا القطرة التي أفاضت الكأس، فلولا لطف الله لكانت الكارثة، حسب المواطنين الذين حمدوا الله على عدم سقوط ضحايا، ولم تسجل إلا خسائر مادية يمكن تعويضها.
وعلى وقع هذا الزلزال خرج سكان الأحياء العليا لمدينة بجاية، للتنديد بالوضعية المعيشية، حيث قاموا بغلق منافذ الطرقات أمام المارة، حتى يتم التكفل بهم من قبل السلطات المحلية، وتأسّفوا لغياب ممثليهم بمختلف المجالس المنتخبة، قبل الهزة الأرضية وبعدها، لإنتشالهم من المعاناة المستمرة داخل بنايات هشة آيلة للانهيار في كل لحظة.
وصرّح بعض المحتجين أن المسؤولين المحليين لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء تنظيف وإزالة مخلفات الزلزال، فغيابهم أصبح أكثر من مقلق.
وأفاد المحتجون قائلين: « منذ سنوات ونحن ندق ناقوس الخطر الذي يهدّد سكان العمارات والبنايات القديمة بأعالي مدينة بجاية خاصة بلاطو أميمون، ولكن لا حياة لمن تنادي، ومنذ سنوات ونحن نحاول تذكير المسؤولين أن هناك بيوت هشة يجب إيجاد حل لها، ونحن نغرد ولكن المسؤولين لا حياة لمن تنادي خاصة المنتخبين المحليين».
500 عائلة بحي بلاطو أميمون في حالة خوف
يوجد أكثر من 500 عائلة بحي بلاطو أميمون بأعالي مدينة بجاية في حالة خوف وهلع بعد الهزات الأرضية التي شكلت خطرا عليهم، والوضع الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم، وأضاف أحد المحتجين «أشهر وأشهر ونحن نندّد من تأخر مشاريع عدل، وتسليم السكن الاجتماعي في القطب الحضري الجديد، واد غير أغزر اوزاريف، ولكن لا حياة لمن تنادي، واليوم وقع أقل ما كان في الحسبان بفضل لطف الله».
واشتكى مواطنون من تدهور وضعية سكناتهم بحي سوماري القصديري، أحد الأحياء المتضررة من الزلزال، وزاد الأمر ألما غياب السلطات المحلية عن هذا الحي الهش، الذي تغيب فيه أبسط ضروريات العيش الكريم.
صفحات «فيسبوكية» أدخلت الرّعب
تغريدات عديدة كانت مجانبة للحقيقة العلمية، وكتابات نرجسية ظاهرها التحذير من «تسونامي» وشيك على الساحل، وباطنها إدخال الرعب في نفوس ساكني الساحل الشرقي، أغلب هذه الكتابات استندت لصفحات من وراء البحار تحذّر من تسونامي وشيك على الساحل الشرقي للجزائر إن استمرت الهزات الأرضية.
والبعض من الفايسبوكيين نشروا صورا لشاطئ واد الزهور ببني فرقان أقصى شرق جيجل، وكأن مياه البحر انحسرت مما ينبئ بالنسبة إليهم موجات تسونامية وشيكة، ممّا جعل هذه الكتابات تنتشر في الفضاء الأزرق، وأدخلت الرعب في نفوس المواطنين، لاسيما المتضررين من الهزة الأرضية والقاطنين قبالة الشواطئ.
هذا الأمر الذي جعل عبد الحميد عفرة، المندوب الوطني للمخاطر الكبرى بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، يستبعد إمكانية حدوث تسونامي بعد الهزة الأرضية، موضحا أن التركيبة الجيولوجية للمنطقة تمنع حدوث تسونامي رغم أن الهزة الأرضية وقعت في البحر، مضيفا أنه «في حالة ما حدث ذلك فإن قطبية الموجة الزلزالية تتجه إلى أوروبا ولا ترجع لليابسة أي إلى الجزائر، وبالتالي ليس هناك خطر تسونامي».
رعب وخوف وسط سكان عاصمة الكورنيش
كانت الجهة الغربية من ولاية جيجل، المتاخمة لولاية بجاية، أكثر المناطق التي أحس سكانها بالزلزال ورغم الهلع الذي أصاب سكانها، جراء الهزة الأرضية التي بلغت 5,9 درجات على سلم ريشتر، تحدت حالة الخوف وكانت الحياة عادية، إلا أن العديد من العائلات افترشت الشارع، خوفا من تكرار الهزات الأرضية، وبالتالي انهيار البيوت على رؤوسهم.
عاش سكان الولاية منذ شهر على وقع هزات أرضية متتالية أصابت سكان عاصمة الكورنيش بالرعب والخوف، وذلك في ظل توالي هذه الهزات، أصبحت أخبار الهزات الأرضية المتتالية محور حديث سكان جيجل منذ أن استيقظ فيه سكان الولاية على وقع هزة أرضية قوية بلغت قوتها 4.9 على مقياس ريشتر، السنة الماضية، والتي حدّد مركزها على بعد تسعة كيلومترات إلى الشمال من بلدية العوانة غرب عاصمة الولاية، ومن يومها لم تتوقّف الهزات الارتدادية التي تحولت إلى كابوس يقض مضاجع سكان عاصمة الكورنيش.
وذكرت مصالح الحماية المدنية، أنه تم تسجيل إصابة 05 أشخاص بكسور والتواءات جراء الهلع والفزع، حيث قام أعوان الحماية المدنية بإجلاء شخص أصيب بكسر في كاحل الرجلين بعد قفزه من الطابق الأول، وكذا إجلاء امرأة تعاني من ارتفاع في الضغط الدم على إثر حالة فزع وهلع شديدين.
وكشفت مصالح مديرية الصحة والسكان، أنّ مستشفيات الولاية استقبلت 60 مواطنا أصيبوا بهلع جراء الزلزال، أكثرهم كان يعاني من حالة هلع وصدمة، وأضاف نفس المصدر، أنه بعد حوالي ساعة ونصف عاد المواطنون الى منازلهم، وبقي منهم فقط امرأة و3 رجال.
وكانت عملية ترحيل 391 عائلة من عمارات حي «تابريحت» بالميلية شرق ولاية جيجل إلى موقع آسردون، خلال الأيام القليلة التي سبقت الهزة الأرضية، بردا وسلاما على سكان هذا الحي المهدد بالانهيار، فقد انتهت معاناتهم وذلك بعد قرار والي الولاية ، الذي أمر بالشروع في عملية ترحيل سكان هذه العمارات نحو سكنات أسردون.
وجاءت العملية بعد الانتهاء من أشغال ربط هذه السكنات بمختلف الشبكات (الغاز، الكهرباء والماء )، للعلم تمّ تسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية لإنجاح هذه العملية بالتنسيق مع مختلف المصالح المعنية، وتنفيذا لالتزامات والي الولاية.
وتعرّضت هذه السكنات لانهيار جزئي خلال الزلزال الذي ضرب الولاية العام الماضي، حيث كان مركزه بلدية العوانة، هذا الأخير خلق ذعرا كبيرا في أوساط السكان أين تحوّلت عماراتهم ملجأ يهدد بالموت بعد تسجيل العديد من التشققات والانهيارات، وكذا التصدعات على مستواها، إذ أضحت تشكل خطرا محدقا بقاطنيها.
وزادت معاناتهم مع طول انتظار ترحيلهم بسب بعض العراقيل التي عرفت على مستوى سكنات أسردون على غرار التزويد بشبكات الغاز، الماء والكهرباء، لكن بعد عملية دراسة المشاكل من طرف السلطات الولائية تمّ الإفراج عن هؤلاء السكان.
الحماية المدنية تستنفر وحداتها بالحروش
ولاية سكيكدة، هي الأخرى عاشت ليلة الخميس الماضي، حالة رعب حقيقي، إثر الهزة الأرضية التي سجلت بمنطقة الحروش، وكانت بقوة 4.5 درجات على سلم ريشتر، ووقعت في حدود الساعة 22 و49 دقيقة من ليلة الخميس، وكذا الهزة الأرضية التي سجلت بولاية بجاية في حدود الواحدة وأربعة دقائق، بقوة 5،9 من سلم ريشتر، حيث خرج عشرات السكان على مستوى بلديتي الحروش وعين بوزيان جنوبي الولاية إلى الشارع، وكذا بعض العائلات على مستوى مدينة سكيكدة، لاسيما قاطني المدينة القديمة الآيلة للانهيار.
وقامت جميع الوحدات العملية للحماية المدنية بخرجات استطلاع عبر كامل تراب الولاية، إثر الهزة الارضية المسجلة، والهزات الارتدادية الأخرى، حسب مصالح الحماية المدنية.
الهزّة التي سجّلت في حدود الساعة 22 سا و49 د بقوة 4٫5 درجات على سلم ريشتر، وحدّد مركزها ب 03 كلم شمال غرب الحروش بولاية سكيكدة، حسب بيان من مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء تم على اثرها إجلاء 03 نساء أصبن بهلع وحالة وإغماء إلى المستشفى على متن سيارة الإسعاف التابعة لمصالح الحماية المدنية، من مدينة سكيكدة رمضان جمال والحروش.
كما تمّت معاينة بعض المنازل على مستوى مزرعة بوقلوف بريك بلدية رمضان جمال، حيث سجلت تشققات خفيفة في الجدران وسلالم وأسقف المنازل، وكذلك معاينة منازل أخرى قديمة بحي بشير بوقادوم يبلدية الحروش، أحيث سجلت مصالح الحماية المدنية تشققات خفيفة في جدران المنازل المبنية من الطين والقرميد.